نادر، فهما ليسا بأجنبيين لمتبوعهما، ولا منفصلين عنه، لعدم تخلل فاصل بينهما وبين متبوعهما، فلا حاجة في ربطهما إلى متبوعهما إلى تحصيل مناسبة زائدة، بخلاف العطف، فإن المعطوف يغاير المعطوف عليه ويتخلل بينهما العاطف، فلا بد فيه من تحصيل مناسبة بينهما بتأكيد المتصل بالمنفصل في المرفوع، وبإعادة الجار في المجرور المتصل ليخرج المتصل عن صرافة الاتصال ويناسب المعطوف عليه بتأكيده بالمنفصل، وقوي مناسبة المجرور بانضمام الجار إليه كما في المعطوف عليه. انتهى.
وقد سبقه إلى ذلك بدر الدين ابن مالك في " شرح الخلاصة " (1).
والجواب: إن وقوع المشابهة بين شيئين من بعض الوجوه لا يستلزم المشابهة بينهما من جميع الوجوه، كما أن الاشتراك في بعض الأحكام لا يقتضي تحققه في جميعها، فجاز أن يختص الضمير بحكم لا يجري في التنوين وبالعكس - كما هو كذلك في نفس الأمر -.
وأما أنه لا بد لحصول المناسبة بين المتعاطفين من إعادة الخافض، ففيه: أن المناسبة حاصلة بالعطف نفسه، والمتعاطفان متغايران ذاتا - إذ الشئ لا يعطف على نفسه - ومشتركان حكما، ولا يضر تخلل العاطف بينهما، إذ ليس هو إلا كالآلة تربط أحد الطرفين بالآخر فحسب.
الثاني: إن من حق المعطوف والمعطوف عليه أن يصلحا لحلول كل واحد منهما محل الآخر، فكما لا يجوز " مررت بزيد وك " فكذلك لا يجوز " مررت بك وزيد " لأن ضمير الجر لا يصلح لذلك، فامتنع إلا مع إعادة الجار.