مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ٩٨
اشهدوا بأنا مسلمون) * (1).
قالوا: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقاتل قوما حتى يدعوهم.
فازداد القوم لورود رسل نبي الله صلى الله عليه وآله وكتابه نفورا وامتراجا، ففزعوا لذلك إلى بيعتهم العظمى، وأمروا ففرش أرضها وألبس جدرها بالحرير والديباج، ورفعوا الصليب العظيم، وكان من ذهب مرصع أنفذه إليهم القيصر الأكبر، وحضر ذلك بني الحرث بن الكعب، وكانوا ليوث الحرب وفرسان الناس، قد عرفت العرب ذلك لهم في قديم أيامهم وفي الجاهلية، فاجتمع القوم جميعا للمشورة والنظر في أمورهم، وأسرعت إليهم القبائل من مذحج وعك وحمير وأنمار، ومن دنا منهم نسبا ودارا من قبائل سبأ، وكلهم قد ورم أنفه غضبا من لقومهم، ونكص من تكلم منهم بالإسلام ارتدادا، فخاضوا وأفاضوا في ركز المسير بنفسهم وجمعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، والنزول به بيثرب لمناجزته.
فلما رأى أبو حارثة حصين بن علقمة - أسقفهم الأول وصاحب مدارسهم وعلامهم، وكان رجلا من بني بكر بن وائل - ما أزمع القوم عليه من إطلاق الحرب، دعا بعصابة فرفع بها حاجبيه عن عينيه - وقد بلغ يومئذ عشرين ومائة سنة - ثم قام فيهم خطيبا معتمدا على عصا - وكانت فيه بقية، وله رأي وروية، وكان موحدا يؤمن بالمسيح عليه السلام وبالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويكتم إيمانه ذلك من كفرة قومه وأصحابه - فقال:

(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست