مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ١٠٣
صما، وقلوبا غلفا، طوبى لمن شهد أيامه، وسمع كلامه، فآمن به واتبع النور الذي جاء به.
فإذا ذكرت يا عيسى ذلك النبي فصل عليه فإني وملائكتي نصلي عليه.
قال: فما أتى حارثة بن أثاك على قوله هذا حتى اظلم بالسيد والعاقب مكانهما، وكرها ما قام به في الناس معربا ومخبرا عن المسيح عليه السلام بما أخبر وأقدم من ذكر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لأنهما كانا قد أصابا بموضعهما من دينهما شرفا بنجران، ووجها عند ملوك النصرانية جميعا، وكذا عند سوقتهم وعربهم في البلاد، فأشفقا أن يكون ذلك سببا لانصراف قومهما عن طاعتهما لدينهما، وفسخا لمنزلتهما في الناس.
فأقبل العاقب على حارثة فقال: أمسك عليك يا حار، فإن راد هذا الكلام عليك أكثر من قابله، ورب قول يكون بلية على قائله، وللقلوب نفرات عند الإصداع بمظنون الحكمة، فاتق نفورها، فلكل نبأ أهل، ولكل خطب محل، وإنما الدرك ما أخذ لك بمواضي النجاة وألبسك جنة السلامة، فلا تعدلن بهما حظا، فإني لم آلك - لا أبا لك - نصحا. ثم أرم يعني أمسك.
فأوجب السيد أن يشرك العاقب في كلامه، فأقبل على حارثة، فقال:
إني لم أزل أتعرف لك فضلا تميل إليه الألباب، فإياك أن تقعد مطية اللجاج، وأن ترجف إلى السراب، فمن عذر بذلك فلست فيه أيها المرء بمعذور، وقد أغفلك أبو واثلة وهو ولي أمرنا وسيد حضرنا عتابا، فأوله
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست