مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ١٠٠
فأقبل عليه السيد - واسمه أهتم بن النعمان، وهو يومئذ أسقف نجران، وكان نظير العاقب في علو المنزلة، وهو رجل من عاملة، وعداده في لخم - فقال له: سعد جدك، وسما جدك أبا وائلة، إن لكل لامعة ضياء، وعلى كل صواب نورا، ولكن لا يدركه - وحق واهب العقل - إلا من كان بصيرا، إنك أفضيت وهذان فيما تصرف بكما الكلم إلى سبيلي حزن وسهل، ولكل على تفاوتكم حظ من الرأي الربيق والأمر الوثيق إذا أصيب به مواضعه.
ثم إن أخا قريش قد نجدكم لخطب عظيم وأمر جسيم، فما عندكم فيه قولوا وانجزوا، أبخوع وإقرار؟ أم نزوع؟!
قال عتبة والهدير والنفر من أهل نجران: فعاد كرز بن سبرة لكلامه - وكان كميا أبيا - فقال:
أنحن نفارق دينا رسخت عليه عروقنا، ومضى عليه آباؤنا، وعرف ملوك الناس ثم العرب ذلك منا؟! أنتهالك إلى ذلك أم نقر بالجزية وهي الخزية حقا؟! لا والله حتى نجرد البواتر من أغمادها، وتذهل الحلائل عن أولادها، أو نشرق نحن ومحمد بدمائنا، ثم يديل الله عز وجل بنصره من يشاء.
قال له السيد: أربع على نفسك وعلينا أبا سبرة، فإن سل السيف يسل السيوف، وإن محمدا قد بخعت له العرب وأعطته طاعتها، وملك رجالها وأعنتها، وجرت أحكامه في أهل الوبر منهم والمدر، ورمقه الملكان العظيمان كسرى وقيصر، فلا أراكم - والروح - لو نهد لكم إلا وقد تصدع عنكم من خف معكم من هذه القبائل، فصرتم جفاء كأمس الذاهب، أو كلحم على وضم.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست