مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ١٠٩
قال السيد: ما يضحكك يا ابن أثاك.
قال: عجبت فضحكت.
قال: أو عجب ما تسمع؟!
قال: نعم، العجب أجمع، أليس - بالإله - بعجيب من رجل أوتي أثرة من علم وحكمة يزعم أن الله عز وجل اصطفى لنبوته، واختص برسالته، وأيد بروحه وحكمته، رجلا خراصا يكذب عليه ويقول: أوحى إلي ولم يوح إليه، فيخلط كالكاهن كذبا بصدق، وباطلا بحق!
فارتدع السيد وعلم أنه قد وهل فأمسك محجوجا.
قالوا: وكان حارثة بنجران حثيثا - يعني غريبا - فأقبل عليه العاقب وقد قطعه ما فرط إلى السيد من قوله، فقال له: عليك أخا بني قيس بن ثعلبة، واحبس عليك ذلق لسانك وما لم تزل تستخم لنا من مثابة سفهك، فرب كلمة ترفع صاحبها رأسا قد ألقته في قعر مظلمة، ورب كلمة لامت ورابت قلوبا نغلة، فدع عنك ما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك ما ليس لنا اعتذاره.
ثم قال: وذكرت أخا قريش وما جاء به من الآيات والنذر، فأطلت وأعرضت، ولقد برزت، فنحن بمحمد عالمون، وبه جدا موقنون، شهدت لقد انتظمت له الآيات والبينات، سالفها وآنفها إلا آية هي أسعاها وأشرفها، وإنما مثلها في ما جاء به كمثل الرأس للجسد، فما حال جسد لا رأس له؟! فامهل رويدا نتجسس الأخبار ونعتبر الآثار، ولنستشف ما ألفينا مما أفضى إلينا، فإن آنسنا الآية الجامعة الخاتمة لديه فنحن إليه أسرع وله أطوع، وإلا فأعلم ما نذكر به النبوة والسفارة عن الرب الذي لا تفاوت في أمره، ولا تغاير في حكمه.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست