والإسهاب المخل.
ثانيا: تاريخ تدوين الحديث وعلومه عند أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم:
يرجع تاريخ تدوين الحديث الشريف عند الشيعة الإمامية إلى وقت مبكر جدا من عصر صدر الإسلام، إذ كان موقفهم صريحا من الحظر المفروض على تدوين الحديث الشريف، فرفضوه رفضا باتا جملة وتفصيلا، ولم يلزموا أنفسهم به وقاوموه أشد المقاومة، وسارعوا إلى نقضه، ولم تثن طلائعهم عن المضي قدما في تدوين السنة تلك الأزمة الخانقة التي عاشها غيرهم مدة قرن من الزمان أو أكثر، ولم توقف عملية التدوين عندهم تلك العواصف الكثيفة التي حاولت بمكرها ودهائها أن تميت السنة المطهرة في مهدها، وتحجب أنوارها عن المسلمين، بل زاد إيمانهم بأن أهداف الحظر لم تكن لأجل الحفاظ على سلامة القرآن الكريم، وإنما كانت لصرف الناس عن أهل بيت نبيهم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما يستتبع ذلك من طمس معالم الدين وتعاليمه، وضياع الحق، وفقدان الجزء الأعظم من الشريعة، ومن ثم إلباسها لباسا جديدا من البدع التي لا تمت بصلة إلى الواقع، فضلا عن التسامح في الشرع بإضفاء القدسية على تصرفات ما أنزل الله بها من سلطان.
لقد ترسم رواد التشيع في منهجهم هذا المنهج القرآني السليم، والسنة الكريمة الآمرة بالتدوين، مع اقتفاء خطى أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذلك، فهو الرجل الأول في الإسلام الذي حرص غاية الحرص على الأحاديث ودونها في حياة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتابين تواتر النقل