مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ١٠٨
لا إله إلا أنا ديان يوم الدين، أنزلت كتبي وأرسلت رسلي لأستنقذ بهم عبادي من حبائل الشيطان، وجعلتهم في بريتي وأرضي كالنجوم الدراري في سمائي، يهدون بوحيي وأمري، من أطاعهم أطاعني، ومن عصاهم فقد عصاني، وإني لعنت وملائكتي في سمائي وأرضي واللاعنون من خلقي من جحد ربوبيتي، أو عدل بي شيئا من بريتي، أو كذب بأحد من أنبيائي ورسلي، أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شئ، أو غمص سلطاني، أو تقمصه متبرئا، وأكمه عبادي وأضلهم عني، ألا وإنما يعبدني من عرف ما أريد في عبادتي وطاعتي من خلقي، فمن لم يقصد إلي من السبيل التي نهجتها برسلي لم يزدد في عبادته مني إلا بعدا.
قال العاقب: رويدك، فأشهد لقد نبأت حقا.
قال حارثة: فما دون الحق من مقنع، وما بعده لامرئ مفزع، ولذلك قلت الذي قلت.
فاعترضه السيد - وكان ذا مجال وجدال شديد - فقال: ما أحرى وما أرى أخا قريش مرسلا إلا إلى قومه بني إسماعيل دينه، وهو مع ذلك يزعم أن الله عز وجل أرسله إلى الناس جميعا.
قال حارثة: أفتعلم أنت يا أبا قرة أن محمدا مرسل من ربه إلى قومه خاصة؟!
قال: أجل.
قال: أتشهد له بذلك؟!
قال: ويحك، وهل يستطاع دفع الشواهد؟! نعم، أشهد غير مرتاب بذلك، وبذلك شهدت له الصحف الدارسة والأنباء الخالية.
فأطرق حارثة ضاحكا ينكت الأرض بسبابته.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست