مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ١١١
انقضت عرى الدين، وخبت مصابيح الناموس، فأفلت نجومه، فلا يلبث ذلك العبد الصالح إلا أمما حتى يعود الدين به كما بدأ، ويقر الله عز وجل سلطانه في عبده ثم في الصالحين من عقبه، وينشر منه حتى يبلغ ملكه منقطع التراب.
قال حارثة: كل ما قد أنشدتما حق، لا وحشة مع الحق، ولا أنس في غيره، فمه؟
قال السيد: فإن من الحق أن لاحظ في هذه الأكرومة للأبتر.
قال حارثة: إنه لكذلك، أليس بمحمد؟!
قال السيد: إنك ما عملت إلا لدا، ألم يخبرنا سفرنا وأصحابنا في ما تجسسنا من خبره أن ولديه الذكرين القرشية والقبطية بادا - يعني هلكا - وغودر محمد كقرن الأعضب موف على ضريحه، فلو كان له بقية لكان لك بذلك مقالا إذا ولت أنباؤه الذي يذكر.
قال حارثة: العبر - لعمرو الله - كثيرة والاعتبار بها قليل، والدليل موف على سنن السبيل إن لم يعش عنه ناظر، وكما أن أبصار الرمدة لا تستطيع النظر في قرص الشمس لسقمها، فكذلك البصائر القصيرة لا تتعلق بنور الحكمة لعجزها، ألا ومن كان كذلك فلستماه - وأشار إلى السيد والعاقب -.
إنكما - ويمين الله - لمحجوجين بما آتاكما الله عز وجل من ميراث الحكمة واستودعكما من بقايا الحجة، ثم بما أوجب لكما من الشرف والمنزلة في الناس، فقد جعل الله عز وجل من آتاه سلطانا ملوكا على الناس وأربابا، وجعلكما حكما وقواما على ملوك ملتنا وذادة لهم، يفزعون إليكما في دينهم ولا تفزعان إليهم، وتأمرانهم فيأتمرون لكما وحق لكل
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست