مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٧ - الصفحة ١٠٥
حري ألا يؤثر هذا عنك، فقد علمت وعلمنا أمة الإنجيل معا بسيرة ما قام به المسيح عليه السلام في حواريه ومن آمن له من قومه، وهذه منك فهة لا يرحضها إلا التوبة والإقرار بما سبق به الإنكار.
فلما أتى على هذا الكلام صرف إلى السيد وجهه، فقال: لا سيف إلا ذو نبوة ولا عليم إلا ذو هفوة، فمن نزع عن وهلة وأقلع فهو السعيد الرشيد، وإنما الآفة في الإصرار، وأعرضت بذكر نبيين يخلقان بعد ابن البتول، فأين يذهب بك عما خلا في الصحف من ذكرى ذلك؟! ألم تعلم ما أنبأ به المسيح عليه السلام في بني إسرائيل؟! وقوله لهم: كيف بكم إذا ذهب بي إلى أبي وأبيكم وخلف بعد إعصار يخلو من بعدي وبعدكم صادق وكاذب؟!
قالوا: ومن هما يا مسيح الله؟
قال: نبي من ذرية إسماعيل عليهما السلام صادق، ومتنبئ من بني إسرائيل كاذب، فالصادق منبعث منهما برحمة وملحمة، يكون له الملك والسلطان ما دامت الدنيا، وأما الكاذب فله بند يذكر به المسيح الدجال يملك فواقا ثم يقتله الله بيدي إذا رجع بي.
قال حارثة: وأحذركم يا قوم أن يكون من قبلكم من اليهود أسوة لكم، إنهم أنذروا بمسيحين، مسيح رحمة وهدى، ومسيح ضلالة، وجعل لهم على كل واحد منهما آية وأمارة، فجحدوا مسيح الهدى وكذبوا به، وآمنوا بمسيح الضلالة الدجال، وأقبلوا على انتظاره وأضربوا في الفتنة وركبوا نصحها، ومن قبل ما نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، وقتلوا أنبياءه والقوامين بالقسط من عباده، فحجب الله عز وجل عنهم البصيرة بعد التبصرة بما كسبت أيديهم، ونزع ملكهم منهم ببغيهم وألزمهم الذلة
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست