شرفت، وحق يا إلهي لمن رفعت وأعليت أن يكون كذلك.
فيا ذا النعم التي لا تنقطع، والإحسان الذي لا يجازى ولا ينفد، بم بلغ عبادك هؤلاء العالون هذه المنزلة من شرف عطائك وعظيم فضلك وحبائك، وكذلك من كرمت من عبادك المرسلين؟
قال الله تبارك وتعالى: إني أنا الله لا إله إلا أنا الرحمن الرحيم، العزيز الحكيم، عالم الغيوب ومضمرات القلوب، أعلم ما لم يكن مما يكون كيف يكون، وما لا يكون كيف لو كان يكون، وإني اطلعت يا عبدي في علمي على قلوب عبادي، فلم أر فيهم أطوع لي ولا أنصح لخلقي من أنبيائي ورسلي، فجعلت لذلك فيهم روحي وكلمتي، وألزمتهم عب ء حجتي، واصطفيتهم على البرايا برسالتي ووحيي، ثم ألقيت بمكاناتهم تلك في منازلهم حوامهم وأوصيائهم من بعدهم، ودائع حجتي والسادة في بريتي، لأجبر بهم كسر عبادي، وأقيم بهم أودهم، ذلك أني بهم وبقلوبهم لطيف خبير.
ثم اطلعت على قلوب المصطفين من رسلي فلم أجد فيهم أطوع ولا أنصح لخلقي من محمد خيرتي وخالصتي، فاخترته على علم ورفعت ذكره إلى ذكري، ثم وجدت قلوب حامته اللاتي من بعده على صبغة قلبه، فألحقتهم به وجعلتهم ورثة كتابي ووحيي وأوكار حكمتي ونوري، وآليت بي ألا أعذب بناري من لقيني معتصما بتوحيدي وحبل مودتهم أبدا.
ثم أمرهم أبو حارثة أن يصيروا إلى صحيفة شيث الكبرى التي انتهى ميراثها إلى إدريس النبي عليه السلام، قال: وكان كتابتها بالقلم السرياني القديم، وهو الذي كتب من بعد نوح عليه السلام من ملوك الهياطلة، وهم النماردة، قال: فاقتص القوم الصحيفة وأفضوا منها إلى هذا الرسم، قال: