مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤١ - الصفحة ١٣٧
فهل ينسجم هذا الاعتقاد مع أحكام الاضطرار والإكراه؟!
لقط طعن الشيخ محمد رشيد رضا هذه العقيدة في الصميم حين قال بوضوح وبكل يقين: إن توسيد الأمة الإسلامية أمرها إلى غير أهله لا يمكن أن يكون باختيارها وهي عالمة بحقوقها قادرة على جعلها حيث جعلها كتاب الله تعالى، وإنما يسلبها المتغلبون هذا الحق بجهلها وعصبيتهم التي يعلو نفوذها نفوذ أولي الأمر حتى لا يجرؤ أحد منهم على أمر ولا نهي، أو يعرض نفسه للسجن أو النفي أو القتل..
هذا ما كان، وهذا هو سبب سقوط تلك الممالك الواسعة وذهاب تلك الدولة العظيمة.
وقد عني الملوك المستبدون بجذب العلماء إليهم بسلاسل الذهب والفضة والرتب والمناصب، وكان غيرهم أشد انجذابا، ووضع هؤلاء العلماء الرسميون قاعدة لأمرائهم ولأنفسهم هدموا بها القواعد التي قام بها أمر الدين والدنيا في الإسلام، وهي: أنه يجوز أن يكون أولياء الأمور فاقدين للشروط الشرعية التي دل على وجوبها واشتراطها الكتاب والسنة، وإن صرح بها أئمة الأصول والفقه، فقالوا: يجوز، إذ فقد الحائزون لتلك الشروط.
مثال ذلك: إنه يشترط فيهم العلم المعبر عنه بالاجتهاد، وقد صرح هؤلاء بجواز تقليد الجاهل، وعدوه من الضرورة، وأطلق الكثيرون هذا القول، وجرى عليه العمل. وذلك من توسيد الأمر إلى غير أهله الذي يقرب خطوات ساعة هلاك الأمة، ومن علاماتها: ذهاب الأمانة، وظهور الخيانة.. ولا خيانة أشد من توسيد الأمر إلى الجاهلين..
روى مسلم وأبو داود حديث ابن عباس: " من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه، فقد
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست