الإمامة يصح بوجوه، أولها وأصحها وأفضلها: أن يعهد الإمام الميت إلى إنسان يختاره إماما بعد موته " (65).
إبرام ونقض:
لقد أدركنا جيدا هبوط مبدأ الشورى في الواقع عن المرتبة التي احتلها في النظرية، فتنازلنا عنه تنازلا صريحا - بعد إقراره - حين ذهبنا إلى تصحيح واعتماد كل ما حدث في الواقع رغم منافاته الصريحة لمبدأ الشورى.
ولم نكتف بهذا، بل ذهبنا إلى تبرير تلك الوجوه المتناقضة بلا استثناء، وبدون الرجوع إلى أي دليل من الشرع، ودليلنا الوحيد كان دائما: " فعل الصحابة " رغم أننا نعلم علم اليقين أن الصحابة لم يجتمعوا على رأي واحد من تلك الآراء والوجوه.
كما أننا نعلم علم اليقين أيضا أن خلاف المخالفين منهم وإنكار المنكرين كان ينهار أمام الحكم الغالب.
ورغم ذلك فقد عمدنا إلى القرار الغالب والنافذ في الواقع، فمنحناه صبغة الإجماع، بحجة أنه لم يكن لينفذ في عهدهم إلا بإجماعهم عليه، أو إقرارهم إياه.
وبهذا تنكرنا لحقيقة أن القرار النافذ كان يبتلع كل ما صادفه من أصوات المخالفين والمنكرين، ولا يلقي لها بالا، وهذا هو الغالب على كل ما يتصل بالخلافة والمواقف السياسية الكبرى..
فماذا أغنى اعتراض بني هاشم ومن معهم من المهاجرين والأنصار على نتائج السقيفة؟!
وما أغنى إنكار الصحابة على أبي بكر يوم استخلف عمر؟!