4 - قول أبي بكر في أول خطبة له: " وليتكم ولست بخيركم " إنما كان - كما رأى الباقلاني - لكي يدلهم على جواز إمامة المفضول عند عارض يمنع من نصب الفاضل " (36).
إذن لماذا لا نذهب إلى أن المفضول هنا هو أبو بكر، مع تصريحه بذلك، ثم نجتهد في تبرير العارض الذي منع من نصب الفاضل؟!
نتيجة:
ألا يظهر من هذه الملاحظات أمران مهمان:
الأول: أن هذه النظرية قد تقلبت مع تقلب الأحداث متابعة للأمر الواقع، وأنها لم تستند على دليل شرعي ثابت لتكتسب منه الثبات؟!
والثاني: أن هذه العقيدة في ترتيب الخلفاء في الفضل بحسب ترتيبهم في الخلافة إنما هي عقيدة ظهرت متأخرة عن عهد الخلفاء من أجل تثبيت طرق البيعة وإضفاء الشرعية عليها؟!
وإلى مثل هذا خلص الدكتور أحمد محمود صبحي، حيث قال: الواقع أن متكلمي أهل السنة وفقهاءهم لم يسلموا بجواز إمامة المفضول مستندين إلى أصل من أصول الدين، ولكنهم جوزوا ذلك إما تبريرا لسلطان الخلفاء ولخلع الصفة الشرعية على خلافتهم، وإما على سبيل معارضة آراء خصومهم من الشيعة (37).
والأمران معا - تبرير الواقع، ومعارضة الخصوم - كانا أصلا في ولادة مبدأ جديد رافق هذه النظرية، ألا وهو مبدأ " إعذار السلف ".