أليس من الأولى أن تكون هناك نظرية ثابتة محددة المعالم تبنى باعتماد نصوص الشريعة ومفاهيم الإسلام وروح الإسلام، ثم بعد ذلك توزن عليها عقود الخلافة التي تمت بالفعل، فكل عقد وافق هذه النظرية وانسجم معها فهو عقد شرعي صحيح، يكون عنده الخليفة الذي تمت له البيعة إماما وأميرا للمؤمنين وخليفة من خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحق، وكل عقد لم يوافق تلك النظرية فهو عقد غير صحيح؟
وعندئذ يكون قبول الأمر الواقع المخالف للشروط الصحيحة حالة من حالات الضرورة ما دامت الأمة عاجزة عن إصلاحه.
وهذا القول هو الذي تؤيده السنة، إذا أطلقت على هذا النوع من الحكم اسم " الملك العضوض " أي الذي فيه عسف وظلم، فكأنهم يعضون فيه عضا!
وروي أيضا " ملوك عضوض " وهي صيغة جمع، مفردها: ملك عض، وهو الخبيث الشرس (21).
فكيف يجتمع هذا مع الخلافة الشرعية؟!
إمامة المفضول:
هل تعد الأفضلية شرطا في الإمامة؟
قالوا: نعم. ثم قالوا: لا. وفي كلا القولين غاب الدليل الشرعي.
والأمر الذي جاء ب (لا) محل (نعم) هو القبول بشرعية التغلب بالسيف طريقا إلى الخلافة، بعد أن كان طريقها الشورى والعهد!
فحين كان لزاما تبرير خلافة معاوية بن أبي سفيان وتقديمه على سائر الصحابة، كان لزاما أن يلغى القول باشتراط الأفضلية في الإمامة!
هذا، فيما كان الرأي أن الإمامة لا تكون إلا للأفضل (22)، حتى اشتد