الحل والعقد في بلد الخليفة (19).
لكن الآخرين ردوا هذا الشرط تصحيحا لبيعة أبي بكر خاصة، فقالوا:
هذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر، فقد تمت بعقد رجل واحد ورضا أربعة، ولم ينتظر فيها حضور من لم يحضرها (20).
وهذا الكلام الأخير هو الموافق لما صح عن عمر في خطبته المتقدمة، والموافق لسائر ما ورد من النقل في أخبار السقيفة.
3 - الخوف من وقوع الفتنة، كان هو العذر المنتخب في تبرير أول بيعة لأول خليفة حين تمت عن غير مشورة، ولم ينتظر فيها حضور الكثير من كبار المهاجرين والأنصار ممن ينبغي أن يكون في طليعة أهل الحل والعقد.
فالعذر في هذا التعجل هو خوف الاختلاف والفتنة، وهذا ظاهر أيضا في نص خطبة عمر.
لكن الغريب أن (الفتنة) قد عادت لتصبح طريقا شرعيا من طرق تعيين الخليفة!
ففي الوجه الثالث يرون القهر والاستيلاء والتغلب بالسيف طريقا إلى الخلافة، والمتغلب دائما هو الخليفة الشرعي الواجب الطاعة! وما يزال الطريق مفتوحا أمام كل طامح!
وهل الفتنة شئ غير هذا؟!
ثم كيف يقول بهذا من يعتقد بمبدأ الشورى، واختيار أهل الحل والعقد؟!
إن المضي على طريقة تبرير الأمر الواقع هو الذي أدى إلى ظهور هذا التناقض وأمثاله.
4 - هل يستدعي قبول الأمر الواقع كل هذا القدر من التنظير والتبرير؟!