فصل إذا تقرر هذا فاعلم: أن مما اعتل به من أجاز تأثير السحر فيه صلى الله عليه وآله وسلم ما روي من أنه عليه وآله الصلاة والسلام سحره لبيد بن أعصم اليهودي، وقد ورد ذلك من طرق الفريقين، ونحن نورد في هذه العجالة ما وقفنا عليه من تلك المرويات، ونتكلم فيه بما يفتح الله به علينا ويرشدنا إليه، وهو المستعان في الأمور كلها، لا إله غيره ولا رب سواه.
أخرج فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره (1) عن عبد الرحمن بن محمد العلوي ومحمد بن عمرو الخزاز، عن إبراهيم بن محمد بن ميمون، عن عيسى ابن محمد، عن جده، عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: سحر لبيد بن أعصم اليهودي وأم عبد الله اليهودية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عقد من قز أحمر وأخضر وأصفر، فعقدوا له إحدى عشرة عقدة، ثم جعلوه في جف من طلع (2)، ثم أدخلوه في بئر بواد بالمدينة في مراقي البئر تحت راعوفة (3) فأقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثا لا يأكل ولا يشرب ولا يسمع ولا يبصر ولا يأتي النساء.
فنزل عليه جبرئيل ونزل بالمعوذات فقال له: يا محمد ما شأنك؟ قال:
ما أدري، أنا بالحال التي ترى، قال: فإن أم عبد الله ولبيد بن أعصم سحراك، وأخبره بالسحر وحيث هو.
ثم قرأ جبرئيل: (بسم الله الرحمن الرحيم * قل أعوذ برب الفلق)،