الواقعي الذي شهده تاريخ الإسلام ومضى عليه التدوين.
تلك حقيقة وقف عليها الكثير من الدارسين والمحققين، ولم تعد من الأمور الغامضة التي قد تثير حفائظ المتمسكين بكل ما ينسب إلى التراث.
لقد أدرك الجميع حقيقة أن معظم المؤرخين الذين صاغوا هذا التاريخ هم من الموالين للسلطات سياسيا، في عهود تأجج فيها النزاع السياسي وازدادت حدته حتى امتد إلى كل ميادين الحياة، فكان أقل ما يفعله المؤرخون هو تبرير أعمال الخلفاء والأمراء، أيا كانوا، ومهما كانت أعمالهم، والكف عن ذكر ما يزعجهم من حقائق التاريخ، وما لا يأذنوا بكتابته!
كما أن معظم التواريخ كانوا أيضا موالين للسلطات مذهبيا، في عهود كان فيها النزاع المذهبي على أشده (وقد صار كل الفرق يحكي الشر عن مخالفيه ويكتم الخير، ويروي الكذب والبهتان، وينتحل الأحاديث النبوية والمأثورات عن السلف خدمة لأغراض المتخاصمين)!.
ووجد المتدينون والفقهاء في هذا التاريخ مادة دسمة في الانتصار لأوليائهم في السياسة والمذهب.
بل الغريب أن يكون الفقهاء أشد تطرفا من المؤرخين في ما يمس (عدالة) أوليائهم من (الخلفاء)! وهذا ظاهر جدا في كتابات ابن حزم وابن تيمية.
تلك الحقائق هي التي جمعت الدارسين والمنصفين من أهل التحقيق والنظر على قول واحد مفاده:
إن معلوماتنا عن التاريخ بحاجة إلى مراجعة جادة ودراسة في ضوء رؤية شمولية للتاريخ الإسلامي..
رؤية تحيط بجوهر رسالة الإسلام..
رؤية تكون فيها الشريعة الإسلامية بمصدريها الأساسيين - القرآن والسنة - هي المعيار الذي تقوم على أساسه الأطراف المتنازعة والفئات