من هذه النوافذ التي نفتحها على التاريخ تتجلى لك أسرار النبوة..
فتهتف من الأعماق بشعور وبلا شعور:
الصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله، أشهد أنك رسول الله حقا!
فتعال نطل إطلالة تأمل من تلك النوافذ:
فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يخص أبا ذر بقول عجب!! ويمنح عمارا شهادة عجبا!! ويخبر الأنصار بنبأ عجب!! ويخبر عليا عليه السلام بمثله وزيادة!! ويقرن بين الأنصار وعلي بما يثير الدهشة والعجب!!
1 - أبو ذر: النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخص أبا ذر بقول عجب، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: (ما أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر)!! (74).
لم هذا الاختصاص لأبي ذر وحده، وفي الصحابة كثير من أهل الصدق الذين لم يعرف لأحدهم كذبة قط؟!
إن الإطلالة على هذا التاريخ تنبئك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن بقوله الشريف هذا يريد الاطراء على أبي ذر وحسب، وإنما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد أن يقف بنفسه المقدسة وبحديثه الشريف إلى جنب أبي ذر حين تقف الدولة ضده بكامل ثقلها... يريد أن يشهد له ويصدقه حين تكذبه الناس، وحين يتهمه التاريخ!
وحين يبقى أبو ذر الرجل الذي ينطق وحده، وينفى وحده، ويموت وحده!