مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٣ - الصفحة ٢٥٠
لكنه تأويل فاسد لا تركن النفس إليه ولا تطاوعه.
فإنا نعلم أمورا مباحة في الشرع المنيف، كتقبيل الزوجة وملاعبتها ووطئها، وغير ذلك من المباحات المقطوع بها، لكن هل يستجيز ذو لب ودين أن يفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا من ذلك بإحدى أمهات المؤمنين بمنظر من الناس وبمجمع منهم، وهو أشد حياءا من العذراء في خدرها صلوات الله تعالى وسلامه عليه وعلى آله معتذرا ببيان الجواز والرخصة؟!
كلا ورب الكعبة، مع أن ذلك من المباحات بأصل الشرع، فكيف إذا كان من المكروهات؟! وما ذلك إلا لأنه من موجبات تنفر النفوس وأسباب الخسة ودناءة النفس، وقد تقرر في محله وجوب تنزه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عما يوجب النقص في المروءة والشرف والدين.
وديدن العقلاء في مثل هذه المقامات وأشباه تلك الأمور الاقتصار في بيان الجواز والرخصة على القول دون الفعل، فهلا آثر صلى الله عليه وآله وسلم البيان قولا على ارتكاب البول من قيام بمحضر بعض أصحابه؟!
وليت شعري كيف يرتكب ذلك من أرسله الله تعالى إلى الناس كافة ليهديهم إلى سنن الهدى والرشاد، ويردعهم عن الخسائس والمنفرات؟! أم كيف يتبع في أفعاله ويصغى إلى أقواله بعد ما تنفر منه القلوب - والعياذ بالله تعالى -؟!
ولا ريب أن البول بمجمع من الناس ليس بأقل من سلس البول والريح وغيرهما - مما أوجبوا تنزه الأنبياء صلى الله عليهم وسلم عنه وخلوهم منه - إن لم يكن أعظم منهما، مع أنهما أمران ليسا اختياريين بخلاف البول في الطرقات.
وعلى تقدير تسليم هذا التأويل فإنه لا وجه لتخصيص بيان الجواز ببعض الصحابة - كما لا يخفى -.
6 - ومنها: ما اختاره ابن حبان وابن القيم في (الهدي) في سبب قيامه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أنه في تلك الحالة لم يصل إلى بدنه شئ من
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست