مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٢ - الصفحة ٤٦
وأحاديث المهدي المنتظر، من هذا القبيل: فإنها من أخبار المستقبل الغائبة، وليست مما للعقل إلى نفيه أو إثباته سبيل، إذ هو أمر خاص، والعقل إنما يحكم في الكليات ويدركها، وليس في الالتزام بما تدل عليه الأحاديث ما يؤدي إلى المحالات العقلية، أو مخالفة للمسلمات العقلية.
بل العقل إنما يذر هذا الأمر في بقعة الإمكان، وما لم يقع على امتناعه برهان، وليس على الله بمستبعد أن يدخر لهذه الأمة المؤمنة المجاهدة شخصا " مهديا " يهديهم إلى الفلاح وهو يقول: * (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) *.
وقد صحت الأحاديث والروايات، بلغ فيها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا الوعد إلى الأمة، بأن الله سيبعث في آخر الزمان رجلا من أهل البيت اسمه " المهدي ".
فما المانع من تصديقه؟!
وأي دليل عقلي يمنعه؟!
وأما الجزئيات والتفاصيل، فقد أكدنا مرارا على أنها ليست بمثابة " الأصل المذكور " في التواتر والثبوت، وإنما جاءت بها الأخبار الآحاد المتفرقة، ولم تتم بها الحجة القاطعة، ولو صح طريقها وسندها.
فلو عارضها دليل آخر، من نقل مقطوع، أو عقل جازم ولم يمكن تأويلها بما يوافق ذلك، لزم رفضها، وعدم الالتزام بها.
لكن ذلك لا يعني - إطلاقا - إنكار أصل مسألة المهدي المنتظر، الثابت بالأخبار الكثيرة، والمجمع عليه بين طوائف المسلمين.
وقد ذكر العباد في رده على بعض منكري المهدي ما نصه: إن خروج المهدي في آخر الزمان من الأمور الغيبية التي يتوقف التصديق بها على ثبوت النص فيها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ثبتت النصوص في خروج المهدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر الزمان، وأن
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست