ومن المعلوم أن الخلاف الواسع بين الفقهاء في المذاهب المختلفة، وحتى فقهاء المذهب الواحد، غير مؤثرة في أحكام أصول الواجبات والمحرمات، المسلمة، ولا يسري التشكيك من الجزئيات والتفاصيل، إلى الكليات والمسلمات.
وكذلك في المعتقدات: فإن من أصول الدين الإسلامي وأسسه الاعتقاد بالمعاد، وبما فيه من الحساب والميزان والصراط والجنة والنار، لقيام الأدلة على أن كل ذلك حق لا ريب فيه جاءت ذلك الآيات والأحاديث المتواترة، حتى أصبح من ضروريات الدين الإسلامي.
مع أن الخلاف واسع في تفاصيل كل ذلك، وليست الجزئيات التي ورد بها بعض الروايات بتلك المثابة من الوضوح والمسلمية والثبوت، ولكن الخلاف في الجزئيات غير مؤثر في اليقين بالكليات، والاتفاق عليها إلى حد عدها من الضروريات.
وكذلك مسألة المهدي المنتظر، فإن أصل خبرها يقيني أجمع المسلمون على الالتزام به، لورود الأخبار المتضافرة به، أما تفاصيلها وخصوصيات أحوال المهدي وشؤون مجيئه، ومدة بقائه، وكيفية حكمه، وحتى شؤونه الشخصية من نسبه، واسمه، وحليته، وغير ذلك، فإن كل ذلك ليس بمنزلة الأصل، ولم ترد به إلا أخبار آحاد، فيبنى الاعتماد فيها على حجية الأخبار المنقولة تلك، وهي قابلة للنقد حسب المناهج المختلفة، إن سندا، أو متنا، أو قياسا إلى الأدلة الأخرى، وبالمقارنة بسائر الأخبار، والترجيح بينها، أو عقلا للتأمل في مدلولاتها ومضامينها.
وإذا أدى النقد إلى عدم اعتبار شئ من التفاصيل، فإن ذلك لا يؤثر في ثبوت أصل حديث المهدي، وخبره المجمع عليه بين المسلمين، والذي جاءت به الأخبار الصحيحة، وتواترت به، وهو " مجئ رجل من أهل بيت الرسول يسمى المهدي، في آخر الزمان ليجدد الدين، ويملأ الدنيا عدلا " فهذا