الفقرة الثالثة: مصطلح (النحو) مضمونا.
لعل أقدم محاولة لتعريف هذا العلم ما ذكره ابن السراج (ت 316 ه) إذ قال: " النحو إنما أريد أن ينحو المتكلم إذا استعمله كلام العرب، وهو علم استخرجه المتقدمون من استقراء كلام العرب " (37).
وليس هذا في الواقع تحديدا لحقيقة النحو، بقدر ما هو تعريف بمصادره، وبيان للهدف من تدوينه ودراسته.
يلي ذلك قول ابن جني (ت 392 ه): النحو " هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره كالتثنية والجمع والتحقير والتكسير والإضافة والتركيب والنسب وغر ذلك " (38).
ويلاحظ عليه: أن النحو بوصفه علما ليس هو انتحاء سمت كلام العرب، بل انتحاء سمت كلامهم هو الغاية المتوخاة من تدوين هذا العلم ودراسته.
وواضح من هذا التعريف أنه يميز بين نوعين من التناول في دراسة الكلمة ضمن هذا العلم، أولهما (الإعراب) الذي يعني تغير آخر الكملة بسبب انضمامها إلى غيرها في تركيب معين، وهو داخل في ما اختص بعد ذلك باسم (النحو)، والثاني هوما يعنى بدراسة بنية الكلمة مفردة، وهو الذي اختص باسم الصرف.
وعرفه ابن عصفور (ت 669 ه) بأنه " علم مستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي يأتلف منها " (39).
وهذا التعريف يمتاز على ما سبقه في أخذه (العلم) جنسا في حد النحو.