مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٨ - الصفحة ٧٠
وقد أعطاه الفاكهي (ت 971 ه‍) صورته النهائية بقوله: النحو " علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء " (45).
وكأن الفاكهي لاحظ أن (أبنية الكلم) شاملة لما قبل الآخر، فأبدلها بقوله (أواخر الكلم) الذي هو أوضح في الدلالة على المراد.
والواقع أن تميز الدراسة الصرفية عن النحوية كان واضحا في أذهان الدارسين في مرحلة مبكرة؟ فقد أفردها أبو عثمان المازني (ت 249 ه‍) بكتاب مستقل بعنوان (التصريف)، ثم تتابعت التصانيف من بعده من قبل: المبرد (ت 285 ه‍)، وابن كيسان (ت 299 ه‍)، وأبي زيد البلخي (ت 322 ه‍)، وأبي علي الفارسي (ت 377 ه‍)، والرماني (ت 384 ه‍)، وابن جني (ت 392 ه‍)، حتى استقر الصرف على أصوله وقواعده في القرنين السابع والثامن على أيدي ابن الحاجب وابن مالك وابن هشام (46).
ومع هذا كله فإن كتب النحو لم تتمحض لمادة النحو فقط، بل ظلت تحتوي مزيجا من النحو والصرف، ولأجل ذلك حرص النحاة على إعطاء حد للنحو يجعله شاملا للصرف، ليكون منطبقا على محتوى المصنفات النحوية.
وهناك ملاحظة مهمة على الصياغة الأخيرة لتعريف النحو التي طرحت من قبل الأزهري ومن بعده الفاكهي، فإنها وإن كانت مانعة من دخول مباحث الصرف، إلا أنها ليست جامعة لمادة النحو بالمعنى المقابل للصرف، ذلك لأن المدون فعلا من هذه المادة لا يقتصر على بحث أحكام أواخر الكلم إعرابا وبناء، بل إنه يشتمل إضافة إلى ذلك على مباحث أخرى في غاية الأهمية، كالهيئة التركيبية للجملة من التقديم والتأخير، والحذف والإضمار، وكسر همزة إن أو

(٤٥) الحدود النحوية، الفاكهي، نقلا عن حاشية الإيضاح في علل النحو، ص 89.
(46) أبو عثمان المازني ومذاهبه في الصرف والنحو، رشيد العبيدي، ص 106.
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»
الفهرست