النحو، وإن كنا لا نوافق على ما استدل له به من قول عمر بن الخطاب: " تعلموا العربية، فإنها تشبب العقل " (21)، لما تقدم من القطع بتأخر نشوء علم النحو عن عصر عمر.
وأقدم ما عثرت عليه من النصوص التي يمكن الاستدلال بها على المطلوب:
أولا: ما روي " عن عمرو بن دينار " ت 125 ه " قال: اجتمعت أنا والزهري " ت 124 ه " ونصر بن عاصم. فتكلم نصر، فقال الزهري: إنه ليفلق بالعربية تفليقا " (22). ومعلوم أن نصر بن عاصم من أوائل المهتمين بالدراسات النحوية (23).
وثانيا: ما رواه عاصم بن بهدلة القارئ (ت 128 ه) قال: (أول من وضع العربية أبو الأسود الديلي " (24).
وأما كلمة (النحو) فإنها وردت في النصوص التي تتحدث عن بدايات هذا العلم، لا بوصفها عنوانا اصطلاحيا، بل مستعملة بمعناها اللغوي. ومن أمثلة هذه النصوص ما ذكره الزجاجي عن أبي الأسود (ت 69 ه) من أنه " وضع كتابا فيه جمل العربية، ثم قال لهم: انحوا هذا النحو. أي: اقصدوه. والنحو:
القصد " (25). وما أورده ابن النديم من أن أبا الأسود قال بعد أن ذكر أن عليا عليه السلام ألقى إليه شيئا في أصول النحو: " واستأذنته في أن أصنع (نحو) ما صنع " (26). فكلمة نحو مستعملة هنا بمعنى المثل.