مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٧ - الصفحة ٣١
وربما يقال: إنهم إنما عبروا عنه بالتوحيد مجاراة للمتكلمين الذين يعبرون عن التوحيد القولي بالتوحيد، وهو ليس بتوحيد.
فإننا نقول: إن المتكلمين لا يرون - بأي حال من الأحوال - أن شرك المشركين توحيد، ذلك لأن التوحيد عندهم يعني وحدانية الإله، والشرك يعني تعدد الإله.
2 - وفي ضوء المنهج السلفي في فهم معنى النص الملزم بعدم التأويل والتقدير وعدم الحمل على المجاز، يمكننا أن نلاحظ عليهم مفارقة تعبيرية أخرى، هي:
تعبيرهم عن توحيد المعبود بتوحيد العبادة.
ذلك أن العبادة في الإسلام غير واحدة، وإنما متعددة الافراد والجزئيات فمنها الصلاة والصوم والزكاة والحج... وإلى آخره، وهذا مما لا خفاء فيه.
والذي نص عليه القرآن الكريم ودعا إلى توحيده ليس العبادة، بل الإله المعبود، وفرق بين العبادة والمعبود.
3 - وشئ آخر من المفارقات في الفكرة، أنهم قالوا: إن الصلاة تجاه القبر - بمعنى أن يكون القبر أمام المصلي، ويتأتى هذا إذا كان القبر في جهة القبلة ووقف المصلي خلفه - هي عبادة للقبر أو لصاحب القبر، كما هو مفاد نص الشيخ ابن تيمية المتقدم.
ووجه المفارقة: أن الكل يدرك أن هناك فرقا بين الصلاة للقبر أو لصاحب القبر وبين الصلاة في مكان خلف القبر.
ولنأخذ مثالا لهذا: مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة، وهو - كما يعلم الكل - محيط بالحجرة الشريفة التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقبرا صاحبيه أبي بكر وعمر، فإن من يصلي فيه - وهو متجه إلى القبلة - في مكان خلف الحجرة الشريفة بحيث يكون قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو قبر أحد الشيخين أمامه، هل يجوز أن يقال له: إن صلاته كانت لرسول الله أو لأبي بكر أو لعمر أو لقبورهم، ولم تكن لله؟!
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست