مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٦ - الصفحة ٢١٨
وهذا الحديث المتواتر - المعلوم صدوره من لسان الوحي والإلهام - يدل على أمور عظام:
الأول: يدل على نبوة قائله، عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، لأنه لا يعقل لعاقل أن يصر ويكرر بأمر استقبالي، مع ظهور موانع كثيرة، وعلمه بها، وإخباره عنها، سيما من يدعي بقاء نبوته إلى يوم القيامة، وأنه نبي آخر الزمان، وخاتم النبوات ثم يخبر - جزما - ببقاء كتابه وآله إلى يوم القيام، وأنهما على الحق والصواب.
وأعظم من هذا الأخبار - ظهورا - وقوع ذلك في الخارج، ومشاهدته عيانا، إلى ألف سنة وزيادة، مع كثرة القتل والحبس والتشريد والخوف والفقر فيهم.
فهذا الإخبار وهذا البقاء، لهما من أعظم المعاجز!
الثاني: يدل على عصمة الكتاب، والعترة الأطياب، وأنهما ملازمان للحق والصواب، ومعصومان عن الخطأ والضلال.
وإلا، لم يكن التمسك بهما حافظا عن الضلال إلى يوم القيام.
وهذا دليل آخر على خلافة العترة، حيث اتفق العقل ونص النقل على اشتراط العصمة في الخليفة والإمام، وحيث إنه لا معصوم في الأمة - سوى العترة - باتفاق الأمة، وجب عصمة العترة وخلافتهم، بحكم العقل والنقل.
الثالث: يدل على دوام العترة، وخلافتهم إلى يوم القيام، لوجوه:
الأول: أنه خطاب إلى جميع الأمة إلى يوم القيامة، لأنه صلى الله عليه وآله نبي الجميع، فيجب عليه نصب الخليفة للجميع، ولا وجه لتخصيص بعض دون بعض.
الثاني: أن العترة عدل القرآن، وزميله القرآن باق إلى يوم القيامة، فكذا عدله وزميله.
الثالث: التأبيد المستفاد من لفظة: (لن) فإن بقاء النفي وتأبيده بالنسبة إلى الأحياء جيلا بعد جيل، وقبيلا بعد قبيل؟ وإلا، فمن مات لا يعقل له ضلالة في المستقبل حتى تنفى بلفظة: (لن).
الرابع: قوله: " لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " فيه تأكيدات على دوام
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست