قراءة جديدة في كتاب " نهج البلاغة " - للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الدكتور عبد الكريم الأشتر ينبغي أن أنبه إلى أني أقرأ " نهج البلاغة " من منطلق الوحدة، لأني أقرؤه وحال العرب والمسلمين كما يرى القراء، وكما رأى صاحب الكتاب نفسه في خطبته التي تتخطى إلينا العصور، كأنه لا يريد بها اليوم أحدا غيرنا:
" أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم... أي دار بعد داركم تمنعون؟! ".
فلهذا قصدت الإنسان في كتاب (النهج)، فشخصت لي أفكار تبلورت من حوطا حقائق تدور كلها من حول محور واحد هو العناية بجوهر الإنسان، أعني الإرادة الإنسانية التي تتفرع عنها أكثر حقائق الكتاب في كل ميدان: في الاجتماع والسياسية والإدارة وتربية الذات.
وقد سحرتني العودة إلى الكتاب، فأخذت أستجلي هذه النفس العظيمة التي حملت قدرها الدامي على كتفيها، ووقفت وحدها تتلفت في كل اتجاه، كالصارخ في الترية، في عالم يرفضها، لأنه لم يعد يقبل من يتمسكون بأخلاق النبوة وقيمها، فيلبسون الإزار المرقوع، ويخصفون نعالهم بأيديهم، ويرونها أحب إليهم من إمرة الناس إلا أن يقيموا حقا أو يدفعوا باطلا (من خطبته عند خروجه لقتال أهل البصرة)، كأن قضية الحق والباطل شغلها الشاغل " فلأنقبن الباطل حتى يخرج الحق