مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ١٤
إن الزمن - مهما امتد بالإسلام - لم يكن ليخمد من شعاعه الوهاج، بل قد أثبت التاريخ أن الإسلام هو الحق الذي يشدده مر الزمان قوة وثباتا، وهو الحقيقة التي لا يكشف مر الأيام إلا عن ناصع برهانه.
والغدير، كواحد من أهم أحداث الإسلام، كذلك، يظل معه سائرا مسير النور مع الفجر، والضياء مع النهار ولقد أخذ الغدير من اهتمام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قسطا كبيرا في يومه الأول، فجابه به كل التهديدات التي كانت تعترضه والتي وعده الله بالعصمة من أصحابها، وتحتمل عناء الموقف، وخطب تلك الخطبة الجامعة الغراء، في حر الهجير، وقام بتتويج الأمير، وأخذ له البيعة من كل الحاضرين، وأتم الحجة على الجمع أجمعين.
والغدير اكتسب قدسية بما قام به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يومه الأول ذلك.
ثم وقع الغدير موقع العناية الفائقة من الأئمة المعصومين من أهل البيت عليهم السلام، فلم يألوا جهدا في إحيائه وتعظيمه.
وعمل الأئمة عليهم السلام - الذين يعتبر وجودهم امتدادا عمليا لوجود الرسول صلى الله عليه وآله وسلم - في المحافظة على الإسلام، ويمثلونه تمثيلا صادقا في بث معارفه وإحياء ذكرياته، مدعاة للتأمل والبحث.
إن الأئمة الأطهار عليهم السلام، فتحوا للغدير حسابا واسعا في حياتهم الكريمة العلمية والعملية، وهذا البحث يجمع ما ورد من مواقفهم عليهم السلام من الغدير في كلا المجالين.
ولقد اقتبسنا منهج البحث من الخطوط التي انتهجها الأئمة في مواقفهم تلك من الغدير، فقسمناه إلى قسمين.
القسم الأول. يتضمن تأكيد الأئمة عليهم السلام على الغدير، كحادثة عقائدية مهمة في الإسلام، فلجأوا إلى الاستدلال به على الإمامة الحقة، وتثبيت قواعد الحكومة الإسلامية بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست