مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ٨٤
8 - موقف الأئمة من مقولة هشام:
إن لأئمة أهل البيت عليهم السلام مواقف حاسمة في الدفاع عن الحق، وبيان الحقيقة، وفي خصوص مجال التوحيد والتنزيه، وقد أفصحوا عن ذلك بأقوال صريحة، قاطعة، محكمة، جمعتها صحف أصحابهم، ومؤلفات أوليائهم، وحفظتها صدور قوم مؤمنين، وهم يتلونها على المنابر، وفي المجالس، على ألسنة المبلغين رسالات الله، فتطمئن بها قلوب رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
فهذا رسول الله سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله وسلم يقول - وهو يخاطب الدين قالوا: إن الله يحل في هياكل رجال كانوا على هذه الصور -: أخطأتم الطريق وضللتم، أما أنتم فقد وصفتم ربكم بصفة المخلوقات! أو يحل ربكم في شئ، حتى يحيط به ذلك الشئ؟! فأي فرق بينه - إذن - وبين سائر ما يحل فيه من لونه، وطعمه، ورائحته، ولينه، وخشونته، وثقله، وخفته؟؟ ولم صار هذا المحلول فيه محدثا، وذلك قديما، دون أن يكون ذلك محدثا وهذا قديما؟! (199).
وهذا أمير المؤمنين سيد الموحدين الإمام علي عليه السلام قد سبق كل الموحدين في التوحيد الكامل، والتنزيه الشامل، في خطبه وبياناته، والمعتزلة - المدعون للسبق في ذلك - اعترفوا بأن خطب الإمام عليه السلام في بيان التشبيه وإثبات العدل أكثر من أن تحصى.
قال يحيى بن حمزة العلوي - من أئمة الزيدية -: وأعظم كلامه ما حواه كتاب " نهج البلاغة " وقد تواتر نقله عنه، واتفق الكل على صحته، وقد أورد فيه من الترغيب والترهيب، والتخويف والتقريب، والمواعظ والزجر، وخلاص التوحيد، وصريح التنزيه، ولطائف الحكم، ومغاصات الأفهام، ما يبهر القرائح، وتحار في إتقانه العقول، ويذهل الفهم (200).

(١٩٩) الإحتجاج - للطبرسي -: ٢٧.
(٢٠٠) مشكاة الأنوار - للعلوي -: 5 - 176.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست