مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ٨٨
وبهذا انضم الأشاعرة إلى المسلمين في توقيفية الأسماء.
وقد ذكر الغزالي في هذا الباب تفصيلا، وهو يتحدث عن اسم " الجسم " وهذا نصه.
ندعي: أن صانع العالم ليس بجسم، لأن كل جسم فهو متألف من جوهرين متحيزين... ونحن لا نعني بالجسم إلا هذا.
فإن سماه " جسما " ولم يرد هذا المعنى، كانت المضايقة معه بحق اللغة، أو بحق الشرع، لا بحق العقل. فإن العقل لا يحكم في إطلاق الألفاظ ونظم الحروف والأصوات التي هي اصطلاحات (214).
وقال في موضع آخر: العقل عندنا لا يوجب الامتناع من إطلاق الألفاظ، وإنما يمنع عنه: إما لحق اللغة، وإما لحق الشرع:
أما حق اللغة: فذلك إذا ادعى أنه موافق لوضع اللسان، فيبحث عنه، فإن ادعى واضعه له أنه اسمه على الحقيقة، أي واضع اللغة وضعه له فهو كاذب على اللسان، وإن زعم أنه استعاره، نظرا إلى المعنى الذي به شارك المستعار منه، فإن صلح للاستعارة لم ينكر عليه بحق اللغة، وإن لم يصلح قيل له. أخطأت على اللغة، ولا يستعظم ذلك إلا بقدر استعظام صنيع من يبعد في الاستعارة، والنظر في ذلك لا يليق بمباحث المعقول.
وأما حق الشرع، وجواز ذلك وتحريمه، فهو بحث فقهي يجب طلبه على الفقهاء، إذ لا فرق بين البحث عن جواز إطلاق الألفاظ من غير إرادة معنى فاسد، وبين البحث عن جواز الأفعال.
وفيه رأيان:
أحدهما: أن يقال: لا يطلق اسم في حق الله تعالى إلا بالإذن، وهذا لم يرد فيه إذن.

(٢١٤) الاقتصاد - للغزالي -: 21.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست