مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ٢٠٣
فقد تبين أن لكل واحد من الفعلين كيفية يتميز بها عن الآخر، ولولا ذلك لكان من غسل رأسه فقد أتى على مسحه، ومن اغتسل للجمعة فقد أتى على وضوئه، هذا مع إجماع أهل اللغة والشرع على أن المسح لا يسمى غسلا، والغسل لا يسمى مسحا (٢٤).
فإن قيل: لم زعمتم ذلك وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن معنى قوله سبحانه: ﴿فطفق مسحا بالسوق والأعناق﴾ (25) أنه غسل سوقها وأعناقها، فسمي الغسل مسحا.
قلنا: ليس هذا مجمعا عليه في تفسير هذه الآية، وقد ذهب قوم إلى أنه أراد المسح بعينه (26)، وقال أبو عبيدة (27) والفراء (28) وغيرهما: أنه أراد بالمسح الضرب (29).
وبعد: فإن من قال: إنه أراد بالمسح الغسل، لا يخالف في أن تسمية الغسل لا

(٢٤) المسح: مرور اليد على الممسوح، والغسل. سيلان الماء على المغسول ولو قليلا.
ولو جاز أن يطلق المسح على الغسل مجازا، كما قالوا: تمسحت للصلاة، وكقول أبي زيد: المسح خفيف الغسل، لو جاز ذلك لما جاز شرعا، لأن الشرع فرق بين الغسل والمسح، ولذلك قالوا: بعض أعضاء الطهارة مغسولة وبعضها ممسوحة: وفلان يرى غسل الرجلين وفلان يرى مسحهما.
التعريفات - للجرجاني -: ٩٣، مفردات ألفاظ القرآن - للأصفهاني -: ٣٦٠، التبيان - للطوسي - ٣: ٤٥٤.
أحكام القرآن ٦ - لابن العربي - ٢: ٥٦٧ و ٢: ٥٦٢، تفسير الطبري ٦: ٨٣.
(٢٥) سورة ص ٣٨: ٣٣.
(٢٦) كابن عباس والزهري وابن كيسان وابن جرير الطبري وعلي بن أبي طلحة والنخاس ومجاهد والقاضي أبي يعلى.
تفسير الطبري ٢٣: ١٠٠، تفسير القرآن العظيم - لابن كثير - ٤: ٣٧، التفسير الكبير - للفخر الرازي - ٢٦: ٢٠٦، الجامع لأحكام القرآن - للقرطبي - ١٥: ١٩٥، أحكام القرآن - للجصاص - ٣: ٣٨٢، تفسير البيضاوي ٢: ٣١٢، إعراب القرآن - للنخاس - ٣: ٤٦٣، زاد المسير ٧: ١٣١، مجمع البيان - للطبرسي - ٤: ٤٧٥، لسان العرب ٢: ٥٩٥.
(٢٧) معمر بن المثنى، التميمي بالولاء، البصري، أبو عبيدة، من أئمة العلم والأدب واللغة، مولده ووفاته بالبصرة، توفي في سنة ٢٠٩ ه‍.
وفيات الأعيان ٥: ٢٣٥، ميزان الاعتدال ٤: ١٥٥، تأريخ بغداد ١٣: ٢٥٢.
(٢٨) يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي، مولى بني أسد، إمام الكوفيين وأعلمهم بالنحو والفقه وفنون الأدب، توفي في سنة ٢٠٧ ه‍.
وفيات الأعيان ٦: ١٧٦، تهذيب التهذيب ١١: ١٨٦، سير أعلام النبلاء ١٠: ١١٨، تأريخ بغداد ١٤: ١٤٩.
(٢٩) ويضاف لما ذكره المصنف - قدس سره -: قتادة والزجاج وابن الأثير والسدي والحسن البصري ومقاتل والخليل ابن أحمد والكلبي وابن السائب وابن قتيبة وأبو سليمان الدمشقي.
تفسير الطبري ٢٣: ١٠٠، الجامع لأحكام القرآن - للقرطبي - ١٥: ١٩٥، تفسير القرآن العظيم - لابن كثير - ٤: ٣٧، زاد المسير ٧: ١٣١، معاني القرآن - للفراء - ٢: ٤٠٥، مجاز القرآن - لأبي عبيدة - ٢: ١٨٣، الكشف عن وجوه القراءات ١: ٤٠٦، مجمع البيان - للطبرسي - ٤: ٤٧٥، لسان العرب ٢: ٥٩٥، العين 3: 156.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست