مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ٢٢
وأما الفرد أو الجماعة الذين يصح منهم الاصطلاح والتواضع الخاص، فهم في عبارة القاضي الأولى " أهل اللغة " وليس المراد بهم علماء اللغة، اللغويون الذين تخصصوا بمعرفتهم بها بالدراسة والبحث كعلم من العلوم، بل المراد بهم أهل اللسان الذين نشأوا عليها ونطقوا بها كلغة لهم، ومنهم انطلقت مفرداتها، وأخذت تراكيبها، وتألفت قواميسها، فقد كان لهؤلاء الحق في أن يضعوا - من البداية - لكل معنى لفظا يدل عليه، ينتخبونه على حسب سلائقهم وما يقارن الوضع من الأمور باعتبار أنهم آباء اللغة وأولياؤها، ولو كانوا يضعون الأسماء على غير ما يعرف اليوم لها من المعاني، لما كان ممتنعا.
أما بعد ما حصل من التواضع، وما تم إثباته في متن اللغة، فليس لأحد من المتخصصين بعلم اللغة تغييره عما وضع عليه، وتبديله عما ثبت سماعه منهم أو قياسه عنهم.
وعبارة القاضي الثانية: تنظر إلى أهل الاختصاص بالعلوم، ولم يذكر الخصوصيات المشترط توفرها في القائم بوضع الاصطلاح الخاص.
والذي أراه أن ذلك مشروط بأمرين:
الأول: أن لا يكون التواضع الجديد على نقيض المعنى اللغوي، ولا معارضا له بالتباين.
فلو اشتركا في بعض الأفراد، أو ارتبطا بعلقة مجازية، صح التواضع على غير المعنى اللغوي، ومن هنا يعلم: أن كون القائم بالوضع الجديد عارفا بلغة التواضع، ليحقق هذا الشرط، هو أمر أساسي، كما لا يخفى.
الثاني. أن يكون التواضع الجديد مبتنيا على دليل منطقي، قابل للتصور، بأن لا يكون منافيا لضرورة العقل، أو قضية وجدانية.
قال الشيخ محمد عبده - في توقيفية أسماء الله -: الألفاظ) التي لا تفهم إلا الكمال، ولا تشوب ظاهرها شائبة النقص، فيجوز إطلاقها على الله تعالى، بلا حرج.
وأضاف: ولكل قوم أن يصطلحوا في ذلك على ما شاءوا، كيف؟ ولنا أن
(٢٢)
مفاتيح البحث: التواضع (5)، الجماعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست