مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ١١
فهذا " هاشم بن الحكم " الذي التزم بهدي أهل البيت عليهم السلام وهو " شاب " (6) " أول ما اختطت لحيته " (7) و " غلام، أول ما اختط عارضاه " (8)، فتمسك بالحق الذي هم عليه، واستضاء بنور علومهم، وكان من أنصار الإسلام، وحمل مشعل الحق في ذلك العصر المظلم، المدلهم، الموبوء بالتيارات الإلحادية، والآراء المستجدة على ساحة الفكر والعقيدة، فكان - لما يتمتع به من نبوغ فائق، وعقلية مقتدرة - نبراسا منيرا، يتهافت حواليه شغب المشككين في الإسلام القويم، وتندحر به شبه المنحرفين عن صراط أهل البيت عليهم السلام المستقيم.
ولعظمة هشام، وسمو مقامه في الحق، وعمق أثره في دحر الباطل، وقف أعداء أهل البيت منه موقفا عدائيا صارخا، وسعوا لتشويه سمعته، وإبعاده عن الساحة، وإفقاد جبهة الحق لمثل هذا العنصر النصير، لما له من دور في الذب عن حياضه، ورد كيد المبطلين إلى نحورهم، لما يتمتع به من قوة على المناظرة وتفنيد شبهات المنحرفين، والاعتراض على باطلهم بما يعجزون عن مقاومته، ويوقفهم على صراح الحق بحيث يكلون عن تجاوزه وتخطيه.
ولقد أفرطوا في كيل التهم، بأشكال مختلفة، وفي مجالات عديدة، لهذا الرجل وركزوا - بالخصوص - على اتهامه في " التوحيد " باعتقاد التجسيم للبارئ تعالى شأنه، فصوروا منه (رأسا " في هذا المعتقد الباطل، ونسبوا إليه خرافات تأباها عقول المبتدئين في العلم، فضلا عن مثل هشام الذي " كان حاذقا في صناعة الكلام " و " فتق الكلام في الإمامة، وهذب المذهب بالنظر " (9) و " له غور في الأصول "

(٦) الإحتجاج على أهل اللجاج: ٣٦٧ وانظر: اختيار معرفة الرجال: ٢٧١.
(٧) الإحتجاج على أهل اللجاج: ٣٦٥.
(٨) الفصول المختارة: ٢٨، وانظر: معالم العلماء - لابن شهرآشوب -: ١٢٨.
(٩) الفهرست - للنديم -: 223.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست