مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٩ - الصفحة ٢٧
الخارج، فما كان ذا أجزاء وتحقق في الخارج، اشترك مع معنى الجسم اللغوي في كلا الأمرين.
وإن لم يكن مادة، وليس له أجزاء، وإنما له تحقق في الخارج، فهو " شئ " بحقيقة الشيئية، وهي التحقق والثبوت في الخارج، واشتراكه في هذا مع " الجسم " يصحح إطلاق " الجسم " عليه في عبارة المقولة، ولا يحتاج إلى مادة، ولا تحيز ولا غير ذلك من خواص الأجسام.
وقد اعترض الشيخ الصدوق على هذا التواضع، فقال: إن لم يرجع منه [أي من إطلاق " الجسم " على البارئ [إلا على التسمية فقط، كان واضعا للاسم في غير موضعه، وكان كمن سمى الله عز وجل إنسانا، ولحما، ودما، ثم لم يثبت معناها، وجعل خلافه إيانا على الاسم، دون المعنى (62).
أقول. وحاصل اعتراضه في أمرين:
1 - في أن هذا من باب وضع اللفظ في غير موضعه.
فإن كان مراده أنه استعمال للفظ في غير ما وضع له، فلم يرد به المعنى الحقيقي، فهذا مع وضوحه، ليس مخالفا، إذا كان استعمالا مجازيا على أساس علقة مجازية، كما شرحنا، لصحة المجاز بالوضع العام.
وليست فيه مخالفة لأصل عقلائي معلوم، ولا معارضة فيه لفرع شرعي مستدل عليه، كما ذكر السيد الشريف المرتضى، حيث قال: فأما ما رمي به هشام بن الحكم من القول بالتجسيم، فالظاهر من الحكاية عنه القول ب‍ " جسم لا كالأجسام " ولا خلاف في أن هذا القول ليس بتشبيه، ولا ناقض لأصل، ولا معترض على فرع (63) وليس محرما على أحد أن يصطلح لنفسه لفظا يضعه على معنى خاص في نظره.

(62) التوحيد - للصدوق -: 300 رقم 6.
(63) الشافي - للمرتضى -: 12.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست