القرائن والأحوال التي يقترن بها الخبر، القرائن التي توجب العلم من الخبر ولولاها لما حصل العلم منه، فهذه يشترط عدم توفرها لتحقق التواتر، وبين القرائن والأحوال التي لا تفيد القطع في نفسها، وإنما الموجب للعلم الكثرة العددية، ولكن لهذه الأحوال تأثيرها في العدد المؤدي لحصول هذا العلم، ثم يفسر الأحوال التي لا يضر اقترانها بصدق التواتر " بأن المراد بالأحوال الداخلة الأحوال التي تكون في أغلب الأخبار ويمنع حصول العلم بها إلا بضميمة الكثرة " وفي موضع آخر يفسر الأحوال التي يتصف بها الخبر " فالمراد بها الأحوال الحاصلة فيه الموجبة لسرعة قطعه به أو بطئه ".
وفي حاشيته على القوانين يقول صاحب هذه الحاشية حول هذه القرائن التي لا تضر بصدق التواتر وتحققه: " وبالجملة هذه الأمور ليست مما يمتنع تواطؤ المخبرين معها على الكذب، وإن فرض وجودها مجتمعة فلا تكون من أسباب العلم بصدق الخبر عادة، وأقصاها التأثير في الرجحان والظن، وإن فرض بلوغه الاطمئنان فيبقى حصول العلم منوطا بالكثرة التي اشترطوها في التواتر " (51).
فإن هذه الخصائص والصفات لو اجتمعت كلها في الخبر الواحد، لما أفادت العلم واليقين، بل كل ما تفيده هو الظن والرجحان فحسب، فيعلم من ذلك أنه لا أثر لمثل هذه الصفات في حصول العلم، وإذا حصل العلم واليقين، من الخبر المتواتر المتصف بمثل هذه الصفات، فيكلم منه أن اليقين قد حصل من الكثرة العددية، إذ أن هذه الصفات لا تأثير لها في حصول العلم، وإلا لو كان العلم يحصل منها لحصل من الخبر الواحد المشتمل على هذه الصفات.
إذا، فليس لهذه الصفات إلا التأثير في سرعة حصول العلم وبطئه من الخبر المتواتر، لا أنها هي السبب - فحسب - في حصول العلم واليقين.