مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٦ - الصفحة ٣٩
ابتداءا، من حيث أن همتهم مصروفة في إدراك الحكم الصادر عنه - عليه السلام -، ومن جودة أنظارهم وقوة أفكارهم، وشدة ملكاتهم، يحصل الظن من إفتاء كل واحد لا محالة، ومن تراكم الظن وكثرته يحصل القطع بقول الإمام - عليه السلام -.
وهذا الوجه وإن ذكره في تقريبات إثبات الطريقة المعروفة بين المتأخرين، إلا أنه كما ترى منظور فيه من حيث أن خطأ الأنظار في المسائل العلمية النظرية - وإن توافقت وتراكمت - لا تحيله عادة أصلا، غاية ما هناك حصول الظن أو التقوي منه " (11).
فهو يناقش في تطبيق هذه الطريقة في خصوص الاجماع، وفي نقل المسائل العلمية النظرية، الذي لا يزول منها احتمال الخطأ في الاستدلال.
وقد تعرض الشيخ هادي الطهراني في الجزء الأول من كتابه (محجة العلماء) لهذه الفكرة بصورة أكثر تفصيلا في عدة مواضع، فإنه يذكر في كيفية حصول الاطمئنان والعلم " والحاصل أن الاحتمال وإن كان موجودا في الظن، وإن بلغ من القوة أقصاها، لكن كلما يزداد الرجحان قوة يزداد الاحتمال المخالف ضعفا، ومن المعلوم اختلاف الآثار باختلاف الدرجات لاختلاف المعلول باختلاف العلة ".
والملاحظ أنه يفرق بين الاطمئنان، وبين القطع، في درجة الرجحان وفي الآثار المترتبة على كل منهما - وسيأتي توضيح هذا الفرق -، وتراكم الظنون يؤدي أولا إلى حصول الاطمئنان، وبعد أن تكثر الظنون يؤدي للقطع.
والملاحظ أيضا أنه يذكر المعادلة في القوة والضعف، فكلما يقوى الاحتمال الموافق، يضعف - بتلك النسبة - الاحتمال المخالف.
ويقول الشيخ هادي الطهراني أيضا حول ظاهرة تراكم الظنون في تفسير

(١١) بحر الفوائد في شرح الفرائد: 126.
(٣٩)
مفاتيح البحث: الظنّ (5)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست