مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٣ - الصفحة ١٤٣
حكتها الآثار المذكورة منسوخة، إذ لم ينقل نسخها، ولم يرد في حديث عن النبي - صلى الله عليه وآله - في واحد منها أنها منسوخة، ولقد كان المفروض أن يبلغ - صلى الله عليه وآله - الأمة بالنسخ كما بلغ بالنزول.
فقد ورد في الحديث أنه قال لأبي: " إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن " فقرأ عليه (آية الرغبة)، فلو كانت منسوخة - كما يزعمون - لأخبره بذلك ولنهاه عن تلاوتها، ولكنه لم يفعل - إذ لو فعل لنقل - ولذا بقي أبي - كما في حديث آخر عن أبي ذر - يقرأ الآية بعد رسول الله - صلى الله عليه وآله - معتقدا بكونها من آي القرآن العظيم.
ونازع عمر أبيا في قراءته (آية الحمية) وغلظ له، فخصمه أبي بقوله:
" لقد علمت أني كنت أدخل على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ويقرؤني وأنت بالباب، فإن أحببت أن اقرئ الناس على ما أقرأني وإلا لم اقرئ حرفا ما حييت "، فقال له عمر: " بل أقرئ الناس ".
وهذا يدل على أن أبيا قد تعلم الآية هكذا من النبي - صلى الله عليه وآله - وجعل يقرئ الناس على ما أقرأه، ولو كان ثمة ناسخ لعلمه أبي أو أخبره الرسول - صلى الله عليه وآله - فكف عن تلك القراءة.. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن قول عمر في جوابه: " بل أقرئ الناس " يدل على عدم وجود ناسخ للآية أصلا، وإلا لذكره له في الجواب.
الثالث: عدم إمكان حمل الآيات المذكورة على منسوخ التلاوة على فرض صحة القول به:
فآية الرجم قد سمعها جماعة - كما تفيد الأحاديث المتقدمة - من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مصرحين بأنها من آي القرآن الكريم على حقيقة التنزيل.
وقد رأينا - فيما تقدم - إصرار عمر بن الخطاب على أنها من القرآن، وحمله الصحابة بالأساليب المختلفة على كتابتها وإثباتها في المصحف كما أنزلت. وقوله:
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست