مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٨ - الصفحة ٢٥٦
الفصل الخامس الرواة لأحاديث التحريف من الشيعة لقد كان بحثنا حتى الآن يدور حول الأحاديث التي وردت في كتب الشيعة الإمامية وهي تفيد - بظاهرها - تحريف القرآن، بمعنى نقصانه وضياع شئ مما نزل على النبي صلى الله عليه وآله.
والآن يجدر بنا أن ننظر في الكتب التي أخرجت تلك الأحاديث فيها، والعلماء الذين رووها، لنرى مدى صحة التمسك بهذه الأحاديث من هذه الجهة.
وقبل الخوض في البحث يجب أن ننبه على أمور:
أولا: إن رواية الخبر مطلقا أعم من قبوله والاعتقاد بمضمونه، فقد عني محدثوا الشيعة منذ القرون الأولى بجمع الروايات الواصلة إليهم عن الأئمة، وتبويبها وتنظيمها، صونا لها من الضياع والنسيان وما شابه ذلك، من غير نظر في متونها وأسانيدها ولذا تجد في روايات الواحد منهم ما يعارض ما رواه الآخر، بل تجد ذلك في أخبار الكتابين بل الكتاب الواحد للمؤلف الواحد، وترى المحدث يروي في كتابه الحديثي خبرا ينص على عدم قبول مضمونه في كتابه الاعتقادي، لذلك، فالرواية أعم من القبول والتصديق بالمضمون.
فلا يجوز نسبة مطلب إلى راو أو محدث بمجرد روايته أو نقله لخبر يدل على ذاك المطلب، إلا إذا نص على الاعتقاد به أو أورده في كتب التزم بصحة أخباره، أو ذكره في كتاب صنفه في بيان اعتقاداته.
وهل يوجد عند الشيعة كتاب التزم فيه مؤلفه بالصحة من أوله إلى آخره؟
الجواب: لا، وهذا هو الأمر الثاني.
ثانيا: إنه لا يوجد كتاب واحد من بين كتب الشيعة وصفت أحاديثه جميعها بالصحة، وقوبلت بالتسليم والقبول لدى الفقهاء والمحدثين، ولذا نجد أن أحاديث الشيعة
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»
الفهرست