وبعد، فليس لأصحاب الشبهة إلا أن يزعموا أن القرآن على عهده عليه السلام هو نفس ما جمعه الإمام أمير المؤمنين - كما هو ظاهر بعض الأحاديث - إذا القول بأنه غيره باطل قطعا، فالشبهة هذه إذا مبتنية على الشبهة السابقة، وهي مندفعة باندفاعها.
فالصحيح أن القرآن في عهده لا يختلف عن هذا القرآن الموجود من حيث الألفاظ، وعلى ذلك علماؤنا - رضي الله تعالى عنهم - بل قد صرح شارح (الكافي) بأنه: (يظهر القرآن بهذا الترتيب عند ظهور الإمام الثاني عشر ويشهر به) (65).
الشبهة الرابعة: كائن في هذه الأمة ما كان في الأمم السالفة إن التحريف قد وقع في التوراة والإنجيل، وقد ورد في الأحاديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أنه: (كائن في أمته ما كان في الأمم السالفة) بل قال المحدث العاملي - بعد أن روى طرفا من تلك الأحاديث عن أكابر المحدثين كالصدوق والكليني -: (والأحاديث في ذلك كثيرة متواترة بين الشيعة والسنة) (66).
وقال السيد الطباطبائي: (هي متضافرة أو متواترة) (67).
ومقتضى المماثلة المذكورة ينبئ عن وقوع التحريف في القرآن الكريم كما وقع في العهدين، وهذا يوجب الشك في هذا القرآن الموجود بين المسلمين. وقد أجاب السيد الخوئي - دام ظلة الشريف - (68) عن هذه الشبهة بوجوه نلخصها فيما يلي:
الأول: (إن هذه الأحاديث أخبار آحاد لا تفيد علما ولا عملا، ودعوى التواتر فيها جزافية لا دليل عليها، ولم يذكر من هذه الروايات شئ في الكتب الأربعة)، ولكن إنكار تواتر هذه الأحاديث لا يفيد في الشبهة.
وقوله: (لم يذكر...)