مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٨ - الصفحة ٢٦٠
فإذا كان الأمر كذلك فيما بينهم - وهم أصحاب الكتب الأربعة - فكيف بالمتأخرين منهم المجددين لفكرة تنويع الأحاديث، والنظر في الأسانيد الواردة في كافة الكتب.
وهذا بحث واسع متشعب الأطراف نكتفي منه بهذا المقدار بمناسبة المقام فمن أراد التوسع فيه فليراجع مظانه من كتب الدراية والرجال.
والخلاصة: إن المحققين من الإمامية على أن وجود أي حديث في أي كتاب من كتب الشيعة لا يبرر بمجرده الأخذ به والاعتقاد بصحة مدلوله، إذ ليس عندهم كتاب التزم فيه مؤلفه بالصحة أبدا، بحيث يستغني بذلك الباحث عن النظر في أسانيد أحاديثه والفحصة عن رجاله وما قيل فيهم من الجرح والتعديل.
وهذا بخلاف أهل السنة فإن لهم كتبا سموها ب‍ (الصحاح) وأهمها عند أكثرهم (صحيح البخاري) إعتقد جمهورهم بصحة ما أخرج فيها، وقالوا في كتبهم الرجالية: من خرج له في الصحيح فقد جاز القنطرة، كما التزم أصحابها وبعض أصحاب (المسانيد) في كتبهم بالصحة.
ثالثا: إنه على فرض وجود هكذا كتاب لدى الشيعة فإنه لا يجوز أن ينسب معتقد مؤلفه إلى الطائفة كلها لأنه قد يكون قوله بصحة تلك الأخبار أو ذهابه إلى أحقية ذاك المعتقد مبنيا على أسس غير صحيحة لدى غيره كالقول بقطعية صدور أخبار الكتب الأربعة المذكورة سابقا والمنسوب إلى مجموعة من متأخري الأخباريين وهو باطل كما عرفت وستعرف، فإنه يستلزم القول بالتحريف - لوجود ما يدل عليه فيها، بعد عدم قبول حملها على بعض الوجوه - إذن لا يجوز إضافة معتقد لأحد العلماء وإن كان في غاية الشهرة والجلالة إلا في حال موافقة جمهور علماء الطائفة معه فيه أو قولهم بصحة كل ما ورد في ذلك الكتاب كما هو الحال عند أهل السنة بالنسبة إلى الصحاح الستة والصحيحين بصورة خاصة.
رابعا: إن مما لا ريب فيه وجود أحاديث مزورة باطلة تسربت إلى الآثار
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست