مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ١٣٢
بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك... ومن نسب إلينا أنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب " (9).
ويقول الشيخ محمد بن محمد بن النعمان، الملقب بالمفيد، البغدادي - المتوفى سنة 413 -: " وقد قال جماعة من أهل الإمامة: إنه لم ينقص من كلمة، ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله، وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتا منزلا وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز.
وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب " (10).
ويقول الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي، الملقب بعلم الهدى - المتوفى سنة 436 -: " إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حد لم يبلغه في ما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟! ".
وقال: " إن العلم بتفصيل القرآن وأبعاضه في صحة نقله كالعلم بجملته، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنفة ككتابي سيبويه والمزني، فإن أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلها ما يعلمونه من جملتها، حتى لو أن مدخلا أدخل في كتاب سيبويه بابا في النحو ليس من الكتاب لعرف وميز، وعلم أنه ملحق وليس في أصل الكتاب، وكذلك القول في كتاب المزني، ومعلوم أن العناية بنقل القرآن وضبطه أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء ".
وقال: " إن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعا مؤلفا على ما هو عليه الآن... ".

(٩) الاعتقادات للشيخ الصدوق - مطبوع مع " النافع يوم الحشر " للمقداد السيوري: ٩٣ - مخطوط -.
(١٠) أوائل المقالات في المذاهب المختارات: 55 - 56
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست