مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ١٣٣
" واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس ويحفظ جميعه في ذلك الزمان، حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويتلى عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عدة ختمات.
كل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعا مرتبا غير مبتور ولا مبثوث ".
" وذكر أن من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتد بخلافهم، فإن الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث، نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا بصحتها، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته " (11).
ولقد عرف واشتهر هذا الرأي عن الشريف المرتضى حتى ذكر ذلك عنه كبار علماء أهل السنة، وأضافوا أنه كان يكفر من قال بتحريف القرآن، فقد نقل ابن حجر العسقلاني عن ابن حزم قوله فيه: " كان من كبار المعتزلة الدعاة، وكان إماميا، لكنه يكفر من زعم أن القرآن بدل أو زيد فيه، أو نقص منه، وكذا كان صاحباه أبو القاسم الرازي وأبو يعلى الطوسي " (12).
ويقول الشيخ محمد بن الحسن أبو جعفر الطوسي، الملقب بشيخ الطائفة - المتوفى سنة 460 - في مقدمة تفسيره: " والمقصود من هذا الكتاب علم معانيه وفنون أغراضه، وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به أيضا، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح عن مذهبنا، وهو الذي نصره المرتضى - رحمه الله تعالى - وهو الظاهر من الروايات.
غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن، ونقل شئ منه من موضع إلى موضع، طريقها الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، والأولى الإعراض عنها وترك التشاغل بها لأنه يمكن تأويلها، ولو صحت لما كان ذلك طعنا على ما هو موجود بين الدفتين، فإن ذلك معلوم صحته لا يعترضه أحد من

(١١) نقل هذا في مجمع البيان ١: ١٥، عن المسائل الطرابلسيات للسيد المرتضى.
(١٢) لسان الميزان ٤: ٢٢٤، ولا يخفى ما فيه من الخلط والغلط
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست