مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥ - الصفحة ٢٣٢
أرتضي بالأذى ولم يقف العز * م قصورا، ولم تعز المطي كالذي يخبط الظلام وقد أقمر * من خلفه النهار المضي (144) هذه الأبيات كانت بمثابة قنبلة فجرت غضب القادر العباسي على الشريف الرضي، وعقد مجلسا جمع فيه والد الشريف الرضي وأخاه المرتضى وجمعا من القضاة والفقهاء والشهود، وأعلمهم بأبيات الشريف - المشار إليها - وعاتب والد الشريف على ذلك، وطلب من الحاضرين أن يدونوا محضرا يتضمن الطعن بنسب الخلفاء الفاطميين، ووقع الجميع عليه، وطلب القادر من والد الرضي أن يوقع عليه ولده، فامتنع الرضي من ذلك، مدعيا أن الشعر ليس له (145)، وأصر عل امتناعه " ولما انتهى الأمر إلى القادر سكت على سوء أضمره له وبعد ذلك بأيام صرفه عن النقابة " (146).

(١٤٤) ديوان الرضي: ٢ / ٩٧٢ - ٩٧٣.
(١٤٥) ذكر ابن كثير هذه القضية في تاريخه (البداية والنهاية: ١٢ / ٢) بعد أن ذكر بيتين منها ثم قال: " فلما سمع الخليفة القادر بأمر هذه القصيدة انزعج، وبعث إلى أبيه الموسوي يعاتبه، فأرسل إلى ابنه الرضي، فأنكر أن يكون قالها بالمرة والروافض من شأنهم التزوير... ".
(١٤٦) نقل الواقعة ابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة: ١ / 12 - 13) وقال: " وذكر أبو الحسين الصابي وابنه غرس النعمة محمد في تاريخهما: إن القادر بالله عقد مجلسا أحضر فيه الطاهر أبا أحمد الموسوي، وابنه أبو القاسم المرتضى، وجماعة من القضاة والشهود والفقهاء، وأبرز إليهم أبيات الرضي أبي الحسن، التي أولها:
ما مقامي على الهوان وعندي * مقول صارم وأنف حمي وقال الحاجب للنقيب أبي أحمد: قل لولدك محمد أي هوان قد أقام عليه عندنا، وأي ضيم لقي من جهتنا، وأي ذل أصابه في ملكنا، وما الذي يعمل معه صاحب مصر لو مضى إليه؟ أكان يصنع إليه أكثر من صنيعتنا؟
ألم نوله النقابة؟ ألم نوله المظالم؟ ألم نستخلفه على الحرمين والحجاز، وجعلناه أمير الحجيج؟ فهل كان يحمل له من صاحب مصر أكثر من هذا ما نظنه كأن يكون لو حصل عنده إلا واحدا من أبناء الطالبيين بمصر.
فقال النقيب أبو أحمد: أما هذا الشعر فمما لم نسمعه منه، ولا رأيناه بخطه، ولا يبعد أن يكون بعض أعدائه نحله إياه وعزاه إليه:
فقال القادر: إن كان كذلك فليكتب الآن محضرا يتضمن القدح في نسب ولاة مصر ويكتب محمد بخطه فيه. فكتب محضرا بذلك شهد فيه جميع من حضر المجلس منهم النقيب أبو أحمد، وابنه المرتضى وحمل المحضر إلى الرضي ليكتب خطه فيه، فحمله أبوه وأخوه فامتنع من تسطير خطه وقال: لا أكتبو؟؟ أخاف دعاة صاحب مصر وأنكر الشعر وكتابة خطه وأقسم فيه أنه لا يعرفه، فأجبره أبوه على أن يسطر خطه في المحضر فلم يفعل وقال أخاف دعاة المصريين وغيلتهم لي، فإنهم معرفون بذلك فقال أبوه فيا عجباه، أتخاف من بينك وبينه ستمائة فرسخ، ولا تخاف من بينك وبينه مائة ذراع؟ وحلف أن لا يكلمه وكذلك المرتضى، فعلا ذلك تقية، وخوفا من القادر وتسكينا له، ولما انتهى الأمر إلى القادر سكت على سوء أضمره له، وبعد أيام صرفه عن النقابة ".
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة العدد - حول تحقيق نهج البلاغة 7
2 مقدمة في مصادر نهج البلاغة - الشيخ حسن حسن زاده الآملي 12
3 المتبقي من مخطوطات نهج البلاغة حتى نهاية القرن الثامن الهجري - السيد عبد العزيز الطباطبائي 25
4 الشريف الرضي فقيها - الشيخ رضا الاستادي 103
5 أهل البيت عليهم السلام في نهج البلاغة - السيد علي الميلاني 125
6 ذكرى الشريف الرضي - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي 148
7 الشريف الرضي في ذكراه الألفية - الشيخ جعفر الهلالي 154
8 ما ينبغي نشره من التراث 158
9 وثائق تاريخية - رسائل - هيئة التحرير 162
10 من ذخائر التراث - المفاضلة بين الرضي والهروي - السيد أحمد الحسيني 176
11 ملف مؤتمر الشريف الرضي - الشاعر الطموح - الدكتور السيد محمد بحر العلوم 197
12 الرضي والمرتضى كوكبان - الشيخ جعفر السبحاني 248
13 دفاع عن الشريف الرضي في عقيدته - الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني 263
14 أكذوبتان - السيد جعفر مرتضى العاملي 268
15 أهل البيت عليهم السلام في بعض شعر الشريف الرضي - الدكتور حمودي 279
16 من أنباء التراث 294