الملوين عليه وعليهم أفضل الصلوات وأمثل التحيات: عرضت هذه النسخة بعد القراءة على الإمام الكبير العلامة النحرير زين الدين سيد الأئمة فريد العصر محمد بن أبي نصر - سقاه الله شآبيب رضوانه، وكساه جلابيب غفرانه - على نسخة السيد الإمام الكبير السعيد ضياء الدين علم الهدى - تغمده الله برحمته وتوج مفرقه بتيجان مغفرته - وصححتها غاية التصحيح ووشحتها نهاية التوشيح بحسب وقوفي على حقائقها وإحاطتي بدقائقها، وشنفت آذان حواشيها بالدرر التي وجدتها فيها. ثم بعد ذلك قرأته على ابنه السيد الإمام الكبير عز الدين المرتضى - رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنة مأواه - وسمعته عليه قراءة استبحت عن معانيه، وسماعا استكشفت عن مبانيه. ثم ما اقتصرت على تشنيف آذانها بل سمطتها بالجواهر، وقلدتها بالدرر الزواهر التي استجردتها بالغياصة في بحار مصنفات العلماء، واستنبطتها من معادن مؤلفات الفضلاء، وانتزعت أكثرها من منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة من كلام الإمام السعيد قطب الدين الراوندي - بيض الله غرته ونور حضرته - وكاءدت في تصحيح كل ورق إحدى بنات طبق، ولقيت من توشيح كل سطر نبات برح وأم فرو، فصحت إلا ما زل عن النظر أو تهارب عن إدراك البصر ولا يعرف ذلك إلا من تسنم قلال شواهق هذه الصناعة بحق، وجرى في ميدانها أشواطا على عرق، وذلك في شهر ربيع الأول سنة إحدى وستمائة هجرية، ولله الحمد والمنة وعلى النبي الصلاة بقدر المنة وهو حسبي ونعم الحسيب.
أقول: هذا آخر ما أردنا من نقل تلك الفوائد المهمة المعهودة. ونسختنا المذكورة قد قابلنا ها بذلك الأصل المنتسخ الذي عورض بنسخة الرضي على غاية الجد والدقة والعرض وراعينا فيها الكتابة بالحمرة والسواد والسمنجوني على وفق الكتاب، والحمد لله ولي النعم وملهم الصواب.
إعلم أن كثيرا من المؤلفين حتى سنام الصحابة وكبار التابعين اعتنوا بجمع خطبه عليه السلام وكتبه وسائر كلماته وقضاياه، وقد عد عدة، منهم أستاذي طود العلم وعلم التحقيق ومنار التفكير العلامة ذو الفنون آية الحق المولى أبو الحسن الشعراني - أفاض الله تعالى علينا بركات أنفاسه النفيسة القدسية - في مقالته العربية القيمة تقريظا وتقدمة على شرحنا على النهج. وكذا في مقالته الفارسية تقدمة على شرح المولى صالح القزويني على النهج.