فيجذب دائبا، والممسك يمنيه الوفاء بعهده والمحافظة على وده فيقف هائبا، والذي أمكنني عند غيبته أني حرمت القراءة على نظري، وصرفت مستأذن الحديث عن دخول سمعي، وفزعت إلى المضجع وإن كان نابيا لنبوه، والنوم وإن كان نائبا لنأيه، فإن رأى - أدام الله عزه - أن يجعل شخصه الكريم جوابا عن هذه الأحرف لينشر من نسائمي ما انطوى لفراقه، ويطفئ من حناني ما اضطرم من نار أشواقه فعل إن شاء الله.
فصل: وإن اتسق الأمر الذي إلى الله أرغب في تمامه، وأسأله العون على لم شمله وتأليف نظامه، كان فلان عندي في المنزلة التي إن أشرف منها وجد الناس جميعا تحته، والمكان الذي إذا طمح فيه بطرفه لم ير أحدا من الرجال فوقه، والله يعين على مشاطرته كرائم النعمى ويجعل الرشد مقرونا بصحبته في الدين والدنيا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
فصل: قرأت ما كتب به مولاي الأستاذ - أطال الله بقاءه - وملكني الابتهاج بما وقفت عليه من علم خبره، واقتسمتني أيدي الارتياح لما أنست به من دوام سلامته، والله يقيه الهم ويكفيه المهم بمنه وقدرته، وأما خبري فأنا الآن في منزلة من العافية بعد أن كنت في نازلة من المنزلة (4) وتحت ظل من السلامة بعد حصولي في هجير من عارض العلة، ولله الحمد على الابتلاء بالأول والأنعام في الآخر، ولولا شغلي بما ذكرت وانغماسي فيما وصفت، لم أقنع لنفسي بالتأخر عنه طول هذه المدة، مع السرور الذي يهفوني إليه، والجواذب التي تسرع بي نحوه، والله يحرسه ويحرسني فيه بمنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
فصل: فإن رأى - أطال الله مدته - أن يجيبني إلى ما التمسته، ويحتمل ما اقترحته، فإنه أهل لنزول الحوائج به، وموضع لتكاثر المسائل عليه، فما يسأل إلا باذل، ولا يحمل إلا حامل، فعل إن شاء الله.
فصل: أخلف ميعادا وصدق بعادا، أعيذك - أطال الله بقاءك - من ذلك، وعدتني أنك تصير النصب فيه على قولك أحشفا وسوء كيله؟ والمعنى يجمع هذا وذا، إلي فأخلفت، وأوعدتني أنك تجازيني على ما فعلته بالقطيعة فقدمت وأسلفت، [وعادة]