النظراء، إلا بلوغه إلى ما [لم] (6) يبلغ (7) إليه أحد ممن نحل اسم الوزارة، وأجري مجراه في مقعد الرئاسة، من تدبير هذا الأمر أربع دفعات متغايرات، وتلك منزلة ما وصل إليها أحد من الوزراء على سوالف الأوقات وخوالفها، لكفى بذلك فضيلة غراء، ومنقبة علياء، فكيف وقد جمع الله سبحانه فيه من شرف الضرائب، ويمن النقائب، وكرم الطبائع، وطيب الغرائز، وسلامة العقائد، واحتصاد (8) المعاقد ما هو بمنزلة الكمال الذي يتفرق في الأشخاص ولا يجتمع في أحد من الناس، وقد علم القريب والبعيد والشريف والمشروف، أن هذه المنزلة كانت ثلمة لا ترأب إلا به، وفرجة لا يسدها إلا شخصه، وأن لهذا الأمر بابا لا يفتحه إلا من أغلقه، وسترا لا يرفعه إلا من أسد له، وثغرا لا يسده إلا من داوسه (9)، وجدا لا يصبر عليه إلا من مارسه.
وسيدنا الوزير - أدام الله عزه - هو كفؤه وكافيه، وطبيبه وآسيه، فالله تعالى يتمم ما خوله، ويعينه على ما قلده، ويجريه على أجمل ما عوده، إنه على ذلك قدير، وبه جدير.
ولست أدل على شدة ارتياحي وابتهاجي، وانبساط رجائي وآمالي، ما يجدد له - أدام الله تمكينه - بأكثر من اطلاعه على حقائقه ووقوفه على ظواهره وبواطنه، فإن رأى سيدنا الوزير - أدام الله علوه - أن يأمر - أعلى الله أمره - بإجابتي عن كتابي هذا بما أعلم معه أن موضعي من حسن رعايته محروس، ومكاني من مكين رأيه مكين في ذلك على عوائد إنعامه وعوارف إحسانه، التي لم أخل بالشكر لها، ولم أذهل عن الإشادة بها، على بعد الدار وقربها، وتغير الحال ورجوعها، فعل إن شاء الله تعالى.
وما أحدث الدهر من نبوة * وقطع ما بيننا من سبب فإن النفوس إليكم تشاق * وإن القلوب عليكم تجب وتسفر أرحامنا بيننا * فتعلي طوائلنا أو تهب فإنا نرى لجوار الديار * حقوقا فكيف جوار النسب