ومقصود الشيخ التنصيص على إسناد الرواية عن الإمام، باعتبار أن الإسناد له خصوصية زائدة على مجرد الرواية. وقد يستأنس في هذا المقام بما ذكره الخطيب البغدادي في ذكر الإمام الباقر عليه السلام ما نصه: وقد أسند محمد بن علي الحديث عن أبيه (117) وذكر حديثا مسندا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله رواه الإمام الباقر عن أبيه عن آبائه معنعنا وقال ابن الجوزي: أسند أبو جعفر، عن جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة (118) وقال في ترجمة الصادق: أسند جعفر بن محمد، عن أبيه (119) والملاحظ أن ابن الجوزي استعمل قوله (أسند فلان عن فلان) في كثير من التراجم بعد طبقة الصحابة، فليلاحظ هذا مضافا إلى ما سيأتي في الأمر الثاني من إثبات عود الضمير في (عنه) إلى الإمام، وهو يقتضي تعين كون الفعل (أسند) منسوبا إلى الراوي.
الأمر الثاني: أن الضمير المجرور بعن يعود إلى الإمام عليه السلام لا خلاف بين الخبراء في أن من دأب الشيخ استعمال الضمائر العائدة إلى الأئمة في كل باب بدلا من ذكر أسمائهم، فيقول في باب أصحاب الباقر عليه السلام مثلا: روى عنه (120) والضمير عائد إلى الباقر عليه السلام بلا خلاف، أو يقول:
روى عنهما (121) والضمير عائد إلى الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام وإن لم يسبق لهما ذكر ظاهر وهذا اصطلاح من الشيخ، وأطبق الأصحاب على الالتزام به.
ثم إن وحدة السياق في تعبير الشيخ، كما يقول الكلباسي (122) تقتضي عود الضمير المجرور بعن في قوله " أسند عنه " إلى الإمام الذي عقد الباب لذكر أصحابه، فالمفهوم من قول الشيخ في ترجمة غياث بن إبراهيم - مثلا - من أصحاب الصادق عليه السلام: " أسند عنه " وروى عن أبي الحسن عليه السلام (123) هو أن الرجل أسند عن الصادق عليه السلام وله الرواية عن الكاظم عليه السلام. وقد التزم بذلك الشيخ محمد والشيخ عبد النبي في الحاوي (124).
هذا، مضافا إلى أن الضمير لو لم يعد إلى الإمام، فلا بد أن يكون عائدا إلى الراوي، إذ لا معنى لعوده إلى غيرهما، كما لم يحتمله أحد أيضا، ولو عاد إلى الراوي لكان قوله " أسند عنه " دالا على خصوصية في الراوي، فهي لا بد أن تكون ملازمة له في جميع الأبواب كسائر خصوصياته وصفاته، لكن هذا لم يثبت مع الموصوفين بكلمة