الأمور الأول: أن الفعل معلوم الفاعل وهو الراوي:
من المعروف أن الرجاليين يذكرون بعد اسم الراوي ما يتعلق به من الخصوصيات، من صفة أو تأليف أو شيخ أو راو، أو غير ذلك.
وبما أن الشيخ خص كتاب رجاله لتعديد أسماء أصحاب كل إمام في باب من روى عنه، ولذا سمى كتابه بالأبواب، ولم يؤلفه لغرض الجرح والتعديل، فلذا لم يتعرض لهذين إلا نادرا، وطريقته أن يذكر اسم الراوي وكنيته ونسبته ونسبه مكتفيا بذكره في أحد الأبواب عن التصريح بأنه من أصحاب الإمام المعقود له الباب، لأن شرطه في الكتاب، والمعنون به كل باب، هو ذكر ما لذلك الإمام من أصحاب في ذلك الباب، ولذا لا يصرح بأنه روى عنه، إلا إذا كان في التصريح بذلك فائدة و أثر، كما إذا أراد أن يذكر معه روايته عن إمام آخر، فإنه يقول: روى عنه وعن الإمام الآخر، مثلا: في ترجمة حماد بن بشر، من أصحاب الباقر عليه السلام قال: " روى عنه وعن أبي عبد الله عليه السلام (110) أو إذا أراد أن يؤكد على أن الراوي يروي عن إمامين عليهما السلام كالصادقين مثلا، فإنه يقول: روى عنهما، كما في ترجمة جابر بن يزيد الجعفي (111)، ومحمد بن إسحاق بن يسار المدني صاحب المغازي (112)، ومحمد بن مسلم بن رباح الطائفي (113)، ووهب بن عمرو الأسدي (114).
ومن المعلوم - لدى خبراء الفن - أن فاعل " روى " إنما هو الراوي المذكور هذا الكلام في ترجمته، وهذا هو المتعين عندهم.
وكذلك لو أراد أن يعرفه بخصوصية لروايته، كقوله " أسند " فإن الإسناد من سنخ الرواية والنقل، وهو من عمل الراوي وصفاته المرتبطة به، فلا بد أن يكون القائم بالإسناد والفاعل له هو الراوي.
وإذا اقترنت كلمة " أسند " بكلمة " روى " كما ورد في بعض التراجم (115)، فإن وحدة السياق عند ما يتحدث عن خصوصيات الراوي وروايته، دليل على أن الفعل مبني للفاعل، وأن القائم بالإسناد هو القائم بالرواية، وهو الراوي وقد نقل هذا الرأي عن المحقق الشيخ محمد، والفاضل الشيخ عبد النبي في الحاوي (116).