مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣ - الصفحة ١١٨
الذي يسند إليه الحديث هو هو قائله، وأما المسند عنه الحديث فهو ناقله، وهو الواسطة بين الراوي والقائل.
هذا من الناحية اللغوية.
وإذا لا حظنا التعبير، من ناحية اصطلاح " الإسناد " في علم الدراية، فهو كما مر أيضا: رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله، والحديث المسند: هو الحديث الذي يذكر سنده المتصل من الراوي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبإضافة كلمة المجاوزة " عن " إلى هذا المعنى المصطلح يتحصل من عبارة " أسند عنه ": أن الراوي يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله بسند متصل نقلا عن غيره.
فقائل الحديث المسند، إنما هو النبي صلى الله عليه وآله، وناقل الحديث المسند لا بد أن يكون هو الواسطة الذي يروي عنه الراوي، وليس هو في بحثنا إلا الإمام. ومن الواضح أن الشيخ لم يخالف اللغة ولا الاصطلاح في تعبيره هذا. لكن الجزم بإرادته هذا المعنى، يتوقف على ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن الفعل مبني للمعلوم، وفاعله ضمير يعود إلى الراوي.
الأمر الثاني: أن الضمير المجرور بعن، يعود إلى الإمام.
الأمر الثالث: أن الأحاديث التي ينقلها الراوي عن الإمام، إنما هي مسندة، أي مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله، مروية عن الإمام بطريقة المسند المتصل به صلى الله عليه وآله.
ولو تمت هذه الأمور، لثبت أن معنى الجملة المذكور هو الذي استفدناه منها لغة واصطلاحا، لكن هذا لا يعد مبررا لتخصيص عدة من الرواة بالوصف المذكور دون غيرهم ممن تجمعت فيهم الشرائط المفروضة في هذا المعنى، فقد عثرنا في محاولة تتبعية موجزة على كثير من الأسماء التي التزمت بمنهج الإسناد المذكور، ومع هذا فإن الشيخ لم يصفهم بقوله " أسند عنه " مع ذكره لهم في الرجال إذن فما هو الموجب لتخصيص عدة معدودة بالوصف المذكور؟.
ولذا مست الحاجة إلى عقد أمر رابع لبيان المخصص الذي وفقنا للتوصل إليه، وهو أن كل واحد من الموصوفين قد جمع ما رواه عن الإمام من الأحاديث المسندة إلى النبي صلى الله عليه وآله في كتاب باسم المسند.
فلنحقق في هذه الأمور:
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست