وقد ذكر العلامة الحلي بعد نقل الرواية: إن هذه الرواية تعطي أنه كان زيديا (1)، وسيأتي مناقشة هذه الجهة في عنوان (مذهبه).
أقول: كون عبد الله هو المستشهد مع زيد، هو المشهور، والمفهوم من هذه الروايات أنه أصيب معه، لكن أبا الفرج الأصفهاني ذكر في المقاتل ما يدل على أن عبد الله بن الزبير بقي إلى زمان محمد بن عبد الله النفس الزكية، الذي استشهد في عهد المنصور العباسي، سنة (145)، قال أبو الفرج:
حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا بكار بن أحمد، قال: حدثنا الحسن بن الحسين، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير الأسدي - وكان في صحابة محمد بن عبد الله -، قال: رأيت محمد بن عبد الله عليه سيف محلى يوم خرج، فقلت له: أتلبس سفيا محلى؟! فقال: أس بأس بذلك؟! قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يلبسون السيوف المحلاة.
ثم قال أبو الفرج: عبد الله بن الزبير هذا أبو أحمد الزبير المحدث (2).
أقول: التشويش في عبارة المقاتل ظاهر في الفقرة الأخيرة، إذ من الواضح أن عبارة (أبو أحمد الزبير) ليست صحيحة، وأظن قويا أن العبارة هكذا: (عبد الله بن الزبير هذا أبو أبي أحمد الزبيري المحدث) وأبو أحمد الزبيري هو محمد بن عبد الله بن الزبير، وستأتي ترجمته في عنوان (ابن أخي الفضيل).
ولو كان عبد الله مستشهدا مع زيد - الشهيد سنة 122 - فلا يمكن أن يكون هو الباقي إلى أيام محمد بن عبد الله النفس الزكية - الشهيد سنة 145 -.
وعبارة الأصفهاني صريحة وواضحة الدلالة على بقاء عبد الله إلى سنة (145)، لكن الروايات الدالة على شهادته مع زيد سنة (122) غير صريحة، ولا تدل إلا على كون عائلته في عوائل المصابين، ولعله كان مجروحا، مع أن عبارة الروايات تلك فيها اختلاف، فقد حكي عن المحدث التقي المجلسي الأول قدس الله سره أنه قال في حواشي الفقيه مشيرا إلى الخبر الذي رواه عبد الرحمان بن سيابة ما لفظه: يظهر من هذا الخبر - وغيره - أن المقتول (هو) الفضيل، وكان عبد الله عياله، إنتهى (3).